وطاووس له خَيْلتُه (?)، وذئب له عدوته ...
حتى وقفت على الأسد وهو يدور في قفصه متألماً في صمت، صابراً في استكبار، كأنه النابغة من الناس حبسوه في قفص من وظيفة صغيرة، أو إفلاس شامل، أو قرية منقطعة. يلحظ الناس بطرف عينه فيقول: آه لو كنت طليقاً في البادية يا?أيها الـ ... ـبشر! ورأيت الحارس يخرجه إلى مُتَنَزّهه، إلى القفص الضيّق بعد القَفْر الواسع والفضاء الرحيب، يُذِلّه بعصاه ويستطيل عليه بسوطه كما يستطيل الفرنسي اللئيم على المغربي الكريم ويُذلّه بسيف العدوان وقوة السلطان! (?) وسمعته يزأر مقيَّداً -كما يصيح المصلح في أمّة أفسدها التقليد- فلا يفزع من زئيره إلا الصبية الصغار، ولو زأر عند العرين لخلع هذه القلوب وزلزلها حتى قفزت من حناجر أصحابها.
ووقفت عند الفيل، وقد تواضع حتى غرّ الناس منه لينه فنسوا شدته، وهان على أحدهم حتى أركبه صبيتَه، وصرّفه الفيّالُ واتخذه لعبته، كما يطيع الرجل امرأته فيضيع رجولته ويفقد منزلته!
ووقفت على دبَّين متجاورين: دب أسمر صغير، وأبيض كبير قد اتخذوا له في قفصه من الجبس كهيئة الجليد، ووجَّهوا