يرجوك أن تفسح له ليمرّ، فإذا انزحت له أخذ مكانك وتركك حائراً لا تدري أين تقف!
وهذا عامل بثيابه الملوَّثة بالزيت المعدني أو الملطخة بالطين، يحتك بك وأنت بثيابك البيض فلا يدعك حتى ينقل إليك زيته وطينه، فإن تكلمت قال: ليه؟ هو إحنا مش بني آدم؟!
وهذه امرأة ضخمة عريضة القفا، تصعد ومعها ولد على ظهرها وولد في بطنها وولد تسحبه بيدها، وسلة كبيرة فيها سمك وبصل وكرّاث، فتقعد على الأرض فتشغل مكاناً كان يقف فيه عشرة رجال، ثم لا تزال تسبُّ هذا لأنه داس على ثوبها وتشتم ذاك لأنه مسَّ ولدها!
وهذا عجوز ثرثار، لا يفتأ الطريقَ كله يذم هذا الشعب لأنه لم يتعلم أن النزول من مقدم الترام والركوب من آخره ويعجب من جهله وقلة تربيته، ولا يزال كذلك حتى يصل إلى محطته، فينسى محاضرته الطويلة وينزل من خلف لا من قُدّام!
وهذا رجل منتفخ كأنه الديك الرومي، مزهوٌّ كالطاووس، يقعد أمامك فلا يرضيه إلا أن يمتد ويبرز بطنه ويؤخر رأسه ويرفع رجله في وجهك، حتى يقابلك نعلها ويكاد يمسُّك طرفها، ثم إذا لمح الجابي أسرع بالنزول ولم يدفع ثمن التذكرة!
وهذا شيخ له عمامة وعذبة، لا يحب أن يذكر الله إلا على سبحة طويلة يرفعها بيده حتى يراها الناس كلهم، ولا يتمسك بسنة السواك إلا في الترام، فيخرجه من جيبه طويلاً ثخيناً فيستاك به على أبشع هيئة، ثم يعصره بأصابعه ويبصق على الأرض، وإذا