فجلست على قفاه، وجعلوا يضحكون مني فما ألقي لهم بالاً، حتى جاءت امرأة فجلست قبالتي، فقلت: يا أمَةَ الله استتري، فأقبلوا يَزْبُرونني، وإذا هي -فيما قالوا- شاب وليس امرأة! فجعلت أعجب.
ولبثت أنتظر خروج السلطان، فإذا بالمماليك يديرونني فيجلسونني من حيث يجلس الناس، فلم أملك إلا الطاعة. وقعدت أنتظر، فلم أنشب أن جاء مملوك آخر فقدم إليّ صَفْحة من خشب قد صفّ عليها فَرَانيّ وشطائر (?) وقال: تريد؟ قلت أريد والله، وهل يأبى الكرامة إلا اللئيم؟ وأقبلت آكل فأجد طعاماً هشّاً تحت الأسنان حلواً في الحلق خفيفاً على البطن، فقلت: هذه هي البقلاوة التي وصفوها لنا. فمسحت شفتي بيدي وقلت: الحمد لله، جزاك الله خيراً.
فظل واقفاً ولم يمضِ، فقلت: الحمد لله، لقد شبعت.
قال: يَدَك على الفلوس؟
قلت: ويحك، ماذا تريد؟
قال: أكلت ثلاثين قطعة كل قطعة منها بسبعة قروش، فهذه مئتان وعشرة.
قلت: قبّحك الله من عبد لئيم! تأخذ من ضيوف السلطان ثمن القِرى؟