المبحث الثالث
صور الإعلام العسكري في القرآن الكريم:
اقتضت الحكمة في المرحلة المكية، أن يصبر المسلمون على أذى المشركين، وأن يتجهوا إلى تربية أنفسهم، ونشر دعوتهم، فكان الشعار المعلن {كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} (?). فلما صارت للمسلمين بالمدينة دولة، أُذِنَ لهم في القتال، وجهاد أعداء الله وكان لهذا التشريع حكم عظيمة منها:
أ- الدفاع عن الدين ضد الكفار والمشركين: ومن هذا قوله تعالى {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ} (?)، فأَذِن الله تعالى لعباده بقتال من عادوهم وأخرجوهم لا لشيء إلا أنهم مؤمنون برب العالمين، والحفاظ على الدين هو إحدى الضروريات الخمس للشريعة الإسلامية (?).
ب- دفع المفسدين، ودرء مخططاتهم: ومن هذا قوله سبحانه {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} (?)، فهذه سنة ربانية، يشرف أهل الإيمان بالقيام بها، فيدفعون الفساد والمفسدين، محافظين على صلاح الأرض للعيش فيها، وعبادة رب العالمين.
ت- التمكين للعقيدة من الانتشار: قال الله تعالى {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} (?)، فالقتال لهؤلاء الذين يحولون بين الناس ودعوة الحق، من دون عدوان على المسالمين.