الجمع بين الصلاتين إذا جد به السير:
1-حديث ابن عمر: "قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أعجله السير في السفر يؤخر المغرب، حتى يجمع بينهما وبين العشاء"1.
2- حديث أنس بن مالك: قال: "إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا عجل عليه السير يؤخر الظهر إلى أول وقت العصر، فيجمع بينهما، ويؤخر المغرب حتى يجمع بينهما وبين العشاء حين يغيب الشفق"2.
فقه الحديث: والحديث يدل على الجمع بين الصلاتين لمن جد به السير وهو قول مشهور عن مالك، وبه قال أسامة بن زيد وابن عمر.
قال مالك: "لا يجمع الرجل بين الصلاتين في السفر إلا أن يجد به السير، فإن جد به السير بين الظهر والعصر يؤخر الظهر حتى يكون في آخر وقتها، ثم يصليها، ثم يصلي العصر في أول وقتها، ويؤخر المغرب حتى يكون في آخر وقتها قبل مغيب الشفق، ثم يصليها في آخر وقتها قبل مغيب الشفق، ثم يصلي العشاء في أول وقتها بعد مغيب الشفق. ثم قال: والأمر عندنا في الجمع بين الصلاتين لمن جد به السير"3 هذا هو رأي مالك في الجمع بين الصلاتين، وأما ما نقله ابن قدامة بأن الجمع بين الصلاتين في السفر في وقت إحداهما جائز في قول أكثر أهل العلم ومنهم مالك4 فهو مخالف لمذهب المدونة. ولكن يبدو من أقوال الأئمة المالكيين المتأخرين ان الجمع يجوز مطلقاً. ففي حاشية الدسوقي: جواز الجمع مطلقاً سواء جد في السير أم لا، كان جده لإدراك أمر أم لأجل قطع المسافة والذي حكي تشهيره هو الإمام ابن رشد 5ثم الصورة التي بينها الإمام مالك والأئمة المالكيون أنها جمع صوري، لا جمعاً حقيقياً.
والقيد في حديث ابن عمر وأنس بن مالك لمن جد به السير للغالب وليس شرطاً للجمع لما نرى إطلاق المر في أحاديث الجمع.
وذهب الإمام أبو حنيفة وصاحباه إلى أن الجمع خاص بعرفة ومزدلفة. وهو قول الحسن وابن سيرين، وبه قال ابن مسعود، وسعد بن أبي وقاص.