قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ((قال طائفة من أهل العلم من السلف والخلف، منهم أبو محمد ابن حزم: ((لا تكتحل ولو ذهبت عيناها لا ليلاً ولا نهاراً))، وبين رحمه الله أنه يساعدهم حديث أم سلمة السابق، ثم قال رحمه الله: ((وأما جمهور أهل العلم: كمالك، وأحمد، وأبي حنيفة، والشافعي، وأصحابهم، فقالوا: إن اضطرت إلى الكحل بالإثمد تداوياً لا زينة، فلها أن تكتحل به ليلاً وتمسحه نهاراً وحجتهم حديث أم سلمة
رضي الله عنها)) (?). والحديث هو: عن أم حكيم بن أسيد عن أمها أن زوجها توفي وكانت تشتكي عينيها فتكتحل بالجلاء، - قال أحمد (أحد الرواة) الصواب: بكحل الجلاء - فأرسلت مولاة لها إلى أم سلمة فسألتها عن كحل الجلاء؟ فقالت: لا تكتحلي به إلا من أمر لابد منه يشتدُّ عليك: فتكتحلين بالليل وتمسحينه بالنهار، ثم قالت عند ذلك أم سلمة: دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين توفي أبو سلمة وقد جعلت على عيني صبراً فقال: ((ما هذا يا أم سلمة؟)) فقلت: إنما هو صبر يا رسول الله، ليس فيه طيب، قال: ((إنه يشب الوجه فلا تجعليه إلا بالليل وتنزعيه بالنهار، ولا تمتشطي بالطيب، ولا بالحناء؛ فإنه خضاب))، قالت: قلت: بأي شيء أمتشط يا رسول الله؟ قال: ((بالسدر تغلفين به رأسك)) (?). وقد بين الإمام ابن عبد البر رحمه الله وتبعه الإمام ابن القيم: أن هذا الحديث ثابت، والجمع بينه وبين الحديث الآخر لأم سلمة وفيه: ((قوله: ((لا)) ثلاثاً لمن استأذنته في الكحل: أن الشكاة التي قال فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - ((لا)) لم تبلغ والله أعلم منها مبلغاً لابد لها فيه من الكحل فلذلك نهاها، ولو كانت محتاجة