وحاول الشيخ الشوكاني الجمع بين الحديثين فقال في نيل الأوطار 1: " وعلي فرض صلاحية حديث يزيد بن عامر للاحتجاج به، فالجمع بينه وبين حديث الباب ممكن، بحمل حديث الباب على من صلى الصلاة الأولى في جماعة، وحمل هذا على من صلى منفردا كما هو الظاهر من سياق الحديثين".
إلا أنه جمع بعيد فإن من صلى الأولى منفردا بنية الفرض كيف تنقلب إلي النافلة وقد انتهى منها.
ثم يجب أن ينتهي هذا الخلاف فإن الحديث ضعيف والقول الراجح عند الشافعي هو أن الأولى هي المكتوبة.
الثالث: التفويض إلى الله سبحانه وتعالى في قبول ما شاء من الصلاتين. وهو المشهور من مذهب المالكية. واستدل هؤلاء بأثر ابن عمر- رضي الله عنه- رواه مالك في الموطأ 2 عن نافع، أن رجلا سأل عبد الله بن عمر: فقال: إني أصلي في بيتي ثم أدرك الصلاة مع الإمام أفأصلي معه؟. فقال عبد الله بن عمر: نعم، فقال الرجل: أيهما أجعل صلاتي؟. فقَال له ابن عمر: أو ذاك إليك؟. إنما ذلك إلى الله يجعل أيهما شاء.
وذكر الزرقاني: روى ابن أبي ذئب، عن نافع، أن ابن عمر قال: إن صلاته هي الأولى. وقوله هذا مخالف لرواية مالك. فكأن ابن عمر شك في أول الأمر، ثم بان له أن الأولى هي الفرض فرجع من شكه إلي اليقين، ولا يقال عكس هذا. فمن المحال أن يرجع إنسان من اليقين إلى الشك. إلا أن المذهب المختار عندهم هو هذا. قال ابن عبد البر: حسب النظر الفقهي الدنيوي الفريضة هي الصلاة الأولى، وأما باعتبار الأخرى فالأمر مفوض إلى الله تعالى- ولهذا لا يجوز لمن صلى في بيته ثم أتى المسجد، فأقيمت الصلاة أن يتقدمهم لأنه لا يدري أيتهما صلاته.
وهذا هو مذهب المدونة وعليه العلماء المالكية راجع التفاصيل في حاشية الدسوقي 3