وقال السندي معلقا على حديث جابر بن يزيد بن الأسود في حاشية النسائي 1 " هذا تصريح في عموم الحكم في أوقات الكراهة أيضا، ومانع عن تخصيص الحكم بغير أوقات الكراهة لاتفاقهم علي أنه لا يصح استثناء المورد من العموم، والمورد صلاة الفجر ". وقال: " ولا يمكن أن يتوهم نسخ هذا الحكم لكون ذلك في حجة الوداع ".
وقد زعم بعض العلماء أن في حديث يزيد بن الأسود اضطرابا لا يصلح أن يكون حجة في الباب وملخص قوله: أنه ورد في كتابي الآثار لمحمد وأبي يوسف، وفي كتابي البدائع والمبسوط وغيرهما أن تلك الحادثة كانت في صلاة الظهر.
ولكن الذي يبدو من دراسة هذه الأحاديث أن القصة التي وقعت في صلاة الظهر هي قصة بسر بن محجن الدئلي كما في بعض الروايات. فقد روى الإمام الطحاوي في شرح معاني الآثار 2 بطريق ابن أبي داود قال: ثنا يحيى بن صالح الوُحَاظِي قال: ثنا سليمان بن بلال قال ثنا زيد بن أسلم، عن بسر بن محجن الدئلي عن أبيه قال: صليت في بيتي الظهر والعصر. الخ.
وروي أحمد في مسنده 3 بسياق آخر قال ثنا يعقوب، ثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال حدثني عمران بن أبي أنس، عن حنظلة بن علي الأسلمي، عن رجل من بني الديل قال: صليت الظهر في بيتي، ثم خرجت بأباعر لي لأصدرها، إلي الراعي، فمررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بالناس الظهر، فمضيت فلم أصل معه، فلما أصدرت أباعري، ورجعت ذكر ذلك لرسول الله (صلي الله عليه وسلم) فقال لي: ما منعك يا فلان أن تصلي معنا حين مررت بنا. قال: فقلت يارسول الله إني كنت قد صليت في بيتي. قال: وإن.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد، رواه أحمد ورجاله موثقون 4.
وأما من اعتذر عن إعادة صلاة المغرب بحجة أنها تطوع، والتطوع لا يكون وترا. فيجاب أن صلاة الوتر من باب التطوع وهو نظير في الموضوع. والشارع لم يخصص شيئا من عموم قوله فتخصيص شيء بالقياس بدون حاجة لا يجوز والله تعالى أعلم بالصواب.