الغزاة الدخلاء (?). ولقد كان حبه للجهاد والشغف به قد استولى على قلبه وسائر جوانحه استيلاءاً عظيماً، بحيث ما كان له حديث إلا فيه، ولا نظر إلا في آلاته، ولا كان له اهتمام إلا برجاله ولا ميل إلا إلى من يذكره ويحث عليه، ولقد هجر في محبة الجهاد في سبيل الله أهله وأولاده ووطنه وسكنه وسائر بلاده وقنع من الدنيا بالسكون في ظل خيمة تهب بها الرياح ميمنة وميسرة (?)، ولا شك أن وفاة صلاح الدين جاءت خسارة كبرى للجبهة الإسلامية المتحدة، إذ أنذرت هذه الوفاة بقيام المنازعات بين أبناء البيت الأيوبي والذي سنتحدث عنه تفصيلاً بإذن لله تعالى في كتابنا الرابع من سلسلة موسوعة الحروب الصليبية والذي عنونه "الأيوبيون بعد وفاة صلاح الدين".
هذا وقد انتهيت من هذا الكتاب يوم الثلاثاء الساعة الثالثة فجراً بتاريخ 05/ 05/1428هـ -22/ 05/2007م والفضل لله من قبل ومن بعد وأسأله سبحانه وتعالى أن يتقبل هذا العمل ويشرح صدور العباد للانتفاع به ويبارك فيه بمنه وكرمه وجوده قال تعالى: " ما يفتح الله للناس من رحمةٍ فلا مُمسك لها وما يمُسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم" (فاطر، آية:2).
ولا يسعني في نهاية هذا الكتاب إلا أن أقف بقلب خاشع منيب أمام خالقي العظيم وإلهي الكريم، معترفاً بفضله وكرمه وجوده متبرئاً من حولي وقوتي ملتجئاً إليه في كل حركاتي وسكناتي وحياتي ومماتي، فلله خالقي هو المتفضل، وربي الكريم هو المعين وإلهي العظيم هو الموفق فله الحمد على ما منّ به عليّ أولا وآخراً وأسأله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعل عملى لوجهه خالصاً ولعباده نافعاً، وأن يثيبني على كل حرف كتبته ويجعله في ميزان حسناتي وأن يثيب إخواني الذين أعانوني من أجل إتمام هذا الجهد المتواضع ونرجو من كل مسلم يطلع على هذا الكتاب ألا ينسى العبد الفقير إلى عفو ربه ومغفرته ورحمته ورضوانه من دعائه قال تعالى: "رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والديّ وأن أعمل صالحاً ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين" (النمل، آية:19).
وأختم هذا الكتاب بقول الله تعالى: "ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غِلاً للذين آمنوا ربنا إن رءوف رحيم" (الحشر، آية: 210) وبقول الشاعر ابن الورديَّ لابنه: