نقل إلى تربة تجاور مدرسته التي بناها لأصحاب أبي حنيفة رحمه الله جوار الخَّواصين في الشارع الغربي رحمه الله تعالى (?). وكان رحمه الله حريصاً على الشهادة وكان يقول: طالماً تعرضت للشهادة فلم أُدْركْها وقال الذهبي: قد أدركها على فراشه وعلى ألسنة الناس: نور الدين الشهيد (?)، وقد رثاه الشعراء بقصائد رائعة من أحسنها ما قاله العماد الأصفهاني:
الدَّين في ظُلم لغيبة نوره ... والدهُر في غُمم لفقد أميره
فليندُبِ الإسلامُ حاميَ أهله ... والشام حافظ ملكه وثغوره
ج ... ما أعظم المِقدار في أخطاره
إذ كان هذا الخطب في مقدوره ... ما أكثَر المتأسَّفين لفقد من
قرَّن نواظرُهُم بفقد نظيره ... ما أغوصَ الإنسانَ في نسيانه
أو ما كفاه الموت في تذكيره ... من للمساجد والمدارس بانيا
لله طوعاً عن خُلُوصِ ضَمِيره ... من ينصر الإسلام في غزواته
فلقد أصيب برُكنه وظهيره ... من للفرنج ومن لأسر ملوكها
من للهُدى يبغي فكاك أسيره
من للخطوب مذلَّلاَ لجماحها
من للزمان مُسهَّلاً لو عُوره
من كاشفٌ للمعاضلات برأيه ... من مُشرقٌ في الدَّاجيات بنوره
من للكريم ومن لنعش عِثارِه
من لليتيَم ومن لجبر كسيره ... ج
من للبلاد ومن لنصر جيوشها ... من للجهاد ومن لحفظ أُموره
من للفتوح محاولاً أبكارها
برواحه غزوه وبكوره
من للعُلا وعهُودها من للنَّدَى
ووفوده من للحِجا ووفوره ... ما كنت أحسب نورَ دينِ محمدٍ
يخبو وليلُ الشرك في دَيْجوره
أعزز عليَّ بليث غاب للهُدى
يخلو الشَّرى من زوره وزئيره ... ج
أَعْزِز عليَّ بأن أراه مُغيَّبا ... عن محفل متشرَّقٍ بحضوره
لهفي على تلك الأنامل إنَّها
مُذ غُيَّبت غاض النَّدَى ببحوره
ولقد أتى من كنت تُجري رسمه ... فضع العلامة منك في منشوره