عشر شهراً واقتضت 42 وفداً توجت بصلح الرمّلة وقد تميزت هذه الحملة الصليبية بحدوث تفاهم كبير مع المسلمين فكان الطرفان شديدي الصلة ببعضهما وتعّدى ذلك إلى طرح مشروع المعاهدة وإرسال الفواكه والثلج لريتشارد قلب الأسد أثناء مرضه وحضور طبيب صلاح الدين لمعالجته وكان من آثار هذا الاختلاط في حياة الفرنج ما يأتي: -
- نقلوا عن المسلمين كثيراً من العلوم والمعارف التي كانت سائدة بينهم في تلك الفترة وقد ألفوا فيها كتباً احتوت كثيراً من التجديد والابتكار ووضع القوانين في هذه العلوم.
- نقلوا عن المسلمين كثيراً من الصناعات والفنون مثل صناعة النسيج والصباغة والمعادث والزجاج كما نقلوا عنهم فن العمارة وكان لهذا النقل تأثير عميق في حياة أوروبا الصناعية والتجارية والفنية.
- تأثرت الحضارة الغربية بالحضارة الإسلامية تأثراً أدى إلى نمو الحضارة الغربية وإزدهارها وساعدته الحضارة الإسلامية على الخروج من بحر الهمجية الظلامية في تلك العصور وهذا باعتراف المستشرقين قبل مؤرخي المسلمين.
وذكرت مرض صلاح الدين وأيامه الأخيرة وملازمة أحد الشيوخ له وقراءة القرآن عليه ولما بلغ القارئ قول الله تعالى " لا إله إلا هو عليه توكلت" تبسّم وتهلَلَ وجهه وسلَّم روحه إلى خالقها سبحانه ولم يترك في خزانته من الذهب سوى دينار واحد وستة وثلاثين درهماً وقيل سبع وأربعين درهماً ولم يترك داراً ولا عقاراً ولا مزرعة ولا بستاناً ولا شيئاً من أنواع الأملاك وختمت الكتاب بقصيدة العماد الأصفهاني في رثاء صلاح الدين والتي قال فيها:
شَمْلُ الهُدى والمُلكِ عَمَّ شَتاتُهُ ... والدَّهرُ ساء وأقلعت حسناته
أين الذي مُذْ لم يزل مخشية ... مرجوّة هبَّاتُهُ وَهِبَاته
أين الذي كانت له طاعاتنا ... مبذولة ولربَّهِ طاعاته
بالله أين النّاصر الملك الذي ... لله خالصة صفت نيّاتُهُ
أين الذي ما زال سُلطانا لنا ... يُرجى نَدَاه وتُتَّقى سَطَواته
إلى أن قال:
في نصرة الإسلام يسهر دائماً ... ليطول في روض الجنان سُبَاتُهُ