فرجعت أم موسى بولدها راضية مرضية، قد أبدلها الله بعد خوفها أمناً في عز وجاه ورزق دارّ، ولهذا جاء في الحديث: (مثل الذي يعمل ويحتسب في صنعته الخير كمثل أم موسى ترضع ولدها وتأخذ أجرها)، ولم يكن بين الشدة والفرج إلا القليل يوم وليلة، فسبحان من بيده الأمر، يجعل لمن اتقاه بعد كل هم فرجاً، وبعد كل ضيق مخرجاً، ولهذا قال تعالى: {فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا} أي به {وَلَا تَحْزَنَ} أي عليه {وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} أي فيما وعدها من رده إليها وجعله من المرسلين، وقوله تعالى: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} أي حكم الله في أفعاله وعواقبها المحمودة، فربما يقع الأمر كريهاً إلى النفوس وعاقبته محمودة في نفس الأمر، كما قال تعالى: {فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً} هذه القصة من أعظم القصص في اليقين علي الله جل جلاله، حيث أن الوحي الذي أوحاه الله عز وجل لأم موسى كان وحي إلهام، ومع ذلك امتثلت ما أمرها به ربها مع شدة حبها لابنها
- يقين أم المؤمنين خديجة بنت خويلد (رضي الله عنها):
عندما رجع الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم - من الغار وقص عليها مجيء جبريل - عليه السلام -، فقال له: اقرأ ...... وأخبرها الخبر، وقال لقد خشيت علي نفسي، فقالت خديجة: كلا، والله لا يخزيك الله أبداً ... إنك لتصل الرحم، وتقرى الضيف، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتعين علي نوائب الحق .. فو الله! لقد صدق يقينها وما أخزاه الله أبدا ..
واختاره لنبوته ورسالته، وجعله خليله .. وحبيبه .. ومصطفاه - صلى الله عليه وسلم -.