صفوه التفاسير (صفحة 912)

الحق ونصرةً للإِسلام {وَسَيَعْلَمْ الذين ظلموا} وعيدٌ عام في كل ظالم، تتفتت له القلوب وتتصدع لهوله الأكباد أي وسيعلم الظالمون والمعادون لدعوة الله ومعهم الشعراء الغاوون {أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} ؟ أي أيَّ مرجع يرجعون إليه؟ وأي مصير يصيرون إليه؟ فإِنَّ مرجعهم إلى العقاب وهو شرُّ مرجع، ومصيرهم إلى النار وهو أقبح مصير.

البَلاَغَة: تضمنت الآيات وجوهاً من البلاغة والبديع نوجزها فيما يلي:

1 - التأكيد بإِنَّ واللام {وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ العالمين} لأن الكلام مع المتشككين في صحة القرآن فناسب تأكيده بأنواع من المؤكدات.

2 - الاستفهام للتوبيخ والتبكيت {أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ} ؟

3 - جناس الاشتقاق {يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ} .

4 - المجاز المرسل {وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ} المراد به أهلها.

5 - أسلوب التهييج والإلهاب {فَلاَ تَدْعُ مَعَ الله إلها آخَر} الخطابُ للرسول بطريق التهييج لزيادة إخلاصه وتقواه.

6 - الاستعارة التصريحية {واخفض جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} شبه التواضع ولين الجانب بخفض الطائر جناحه عند إرادة الانحطاط فأطلق على المشبّه اسم الخفض بطريق الاستعارة المكنيَّة.

7 - صيغتا المبالغة {أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} لأن فعّال وفعيل من صيغ المبالغة أي كثير الكذب كثير الفجور.

8 - الطباق بين {يَقُولُونَ. . ويَفْعَلُونَ} وبين {انتصروا. . وظُلِمُواْ} .

9 - الاستعارة التمثيلية البديعة {فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ} مثَّل لذهابهم عن سنن الهدى وإِفراطهم في المديح والهداء بالتائه في الصحراء الذي هام على وجه فهو لا يدري أين يسير، وهذا من ألطف الاستعارات، ومن أرشقها وابدعها.

10 - جناس الاشتقاق {مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} .

11 - مراعاة الفواصل مما يزيد في جمال الكلام ورونقه مثل {يَهِيمُونَ، يَنقَلِبُونَ، يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ} الخ.

لطيفَة: ذُكر أن عمر بن عبد العزيز كان إذا أصبح أمسك بلحيته ثم قرأ قوله تعالى {أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جَآءَهُم مَّا كَانُواْ يُوعَدُونَ مَآ أغنى عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يُمَتَّعُونَ} ؟ ثم يبكي وينشد:

نهارُك يا مغرور سهْوٌ وغفلة ... وليلُك نومٌ والرَّدى لك لازم

تُسرُّ بما يَفنى وتفرح بالمُنى ... كما سُرَّ باللَّذات في النوم حالمُ

وتسْعى إلى ما سوف تكره غبَّه ... كذلك في الدنيا تعيشُ البهائم

تنبيه: الشعر بابٌ من الكلام حسنُه حسنٌ، وقبيحُه قبيحٌ، وإِنما ذمَّ تعالى الشعر لما فيه من المغالاة والإِفراط في المديح أو الهجاء، ومجاوزة حدِّ القصد فيه حتى يفضّلوا أجبن الناس على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015