صفوه التفاسير (صفحة 683)

عليه يقال: عَتَب، وإذا رجع إلى مسرَّتك فقد أعتب {وَإِذَا رَأى الذين ظَلَمُواْ العذاب فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ} أي وإِذا رأى المشركون عذاب جهنم فلا يُفتَّر عنهم ساعة واحدة {وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ} أي لا يُؤخرون ولا يُمهلون {وَإِذَا رَأى الذين أَشْرَكُواْ شُرَكَآءَهُمْ} أي وإذا أبصر المشركون شركاءهم الذين كانوا يعبدونهم في الدنيا ويزعمون أنهم شركاء الله في الألوهية {قَالُواْ رَبَّنَا هؤلاءآء شُرَكَآؤُنَا الذين كُنَّا نَدْعُوْا مِن دُونِكَ} أي هؤلاء الذين عبدناهم من دونك قال البيضاوي: وهذا اعترافٌ بأنهم كانوا مخطئين في ذلك والتماس لتخفيف العذاب {فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ القول إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ} أي أجابوهم بالتكذيب فيما قالوا في تقرير وتوكيد، وذلك مما يوجب زيادة الغم والحسرة في قلوبهم {وَأَلْقَوْاْ إلى الله يَوْمَئِذٍ السلم} أي استسلم أولئك الظالمون لحكم الله تعالى بعد الإباء والاستكبار في الدنيا {وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} أي بطل ما كانوا يؤملون من أن آلهتهم تشفع لهم عند الله، ثم أخبر تعالى عن مآلهم بعد أن آخبر عن حالهم فقال {الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله} أي كفروا بالله ومنعوا الناس عن الدخول في دين الإِسلام {زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ العذاب} أي زدناهم عذاباً في جهنم فوق عذاب الكفر، لأنهم ارتكبوا جريمة صدّ الناس عن الهدى فوق جريمة الكفر، فضوعف لهم العذاب جزاءً وفاقاً {بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ} أي بسبب إفسادهم في الدنيا بالكفر والمعصية {وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِّنْ أَنْفُسِهِمْ} أي اذكر للناس ذلك اليوم وهوْله حين نبعث في كل أمةٍ نبيَّها ليشهد علينا {وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً على هؤلاءآء} أي وجئنا بك يا محمد شهيداً على أمتك {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكتاب تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ} أي ونزَّلنا عليك القرآن المنير بياناً شافياً بليغاً لكل ما يحتاج الناس إليه من أمور الدين فلا حجة لهم ولا معذرة قال ابن مسعود: قد بُيّن لنا في هذا القرآن كلُّ علمٍ، وكل شيء {وَهُدًى وَرَحْمَةً وبشرى لِلْمُسْلِمِينَ} أي هداية للقلوب، ورحمة للعباد، وبشارةً للمسلمين المهتدين {إِنَّ الله يَأْمُرُ بالعدل والإحسان} أي يأمر بمكارم الأخلاق بالعدل بين الناس، والإِحسان إلى جميع الخلق {وَإِيتَآءِ ذِي القربى} أي مواساة الأقرباء، وخصَّه بالذكر اهتماماً به {وينهى عَنِ الفحشاء والمنكر والبغي} أي ينهى عن كل قبيح من قولٍ، أو فعلٍ، أو عملٍ قال ابن مسعود: هذه أجمعُ آيةٍ في القرآن لخيرٍ يُمتثل، ولشرٍ يُجتنب والفحشاء كل ما تناهى قبحه كالزنى والشرك، والمنكر كل ما تنكره الفطرة، والبغي هو الظلم وتجاوز الحق والعدل {يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} أي يؤدبكم بما شرع من الأمر والنهي لتتعظوا بكلام الله.

البَلاَغة: تضمنت الآيات الكريمة وجوهاً من وجوه البيان والبديع ما يلي:

1 - الاستعارة التمثيلية في {وَضَرَبَ الله مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ} الآية تمثيلٌ للوثن بالأبكم الذي لا ينتفع منه بشيء أصلاً، مع القادر السميع البصير وشتان بين الرب والصنم.

2 - التشبيه المرسل المجمل في {كَلَمْحِ البصر} .

3 - الطباق بين {سِرّاً وَجَهْراً} وبين {يَعْرِفُونَ ... يُنكِرُونَ} وبين {ظَعْنِكُمْ ... إِقَامَتِكُمْ} .

4 -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015