صفوه التفاسير (صفحة 589)

على ما أنتم عليه من الكفر والعداوة، فأنا ثابت على الإِسلام والمصابرة {سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ} أي سوف تعلمون الذي يأتيه عذاب يذله ويهينه {وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ} أي وتعلمون من هو الكاذب {وارتقبوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ} أي انتظروا عاقبة أمركم إنني منتظر معكم {وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً والذين آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا} أي ولما جاء أمرنا بإِهلاكهم نجينا شعيباً والمؤمنين معه بسبب رحمة عظيمة منا لهم {وَأَخَذَتِ الذين ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ} أي وأخذ أولئك الظالمين صيحةُ العذاب قال القرطبي: صاح بهم جبريل صيحةً فخرجت أرواحهم من أجسادهم {فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ} أي موتى هامدين لا حراك بهم قال ابن كثير: وذكر هاهنا أنه أتتهم صيحة، وفي الأعراف رجفة، وفي الشعراء عذاب يوم الظلة، وهم أمةٌ واحدة اجتمع عليهم يوم عذابهم هذه النقم كلّها، وإنما ذكر في كل سياقٍ ما يناسبه {كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ} أي كأن لم يعيشوا ويقيموا في ديارهم قبل ذلك {أَلاَ بُعْداً لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ} قال الطبري: أي ألا أبعد الله مدين من رحمته بإِحلال نقمته، كما بعدت من قبلهم ثمود من رحمته بإِنزال سخطه بهم {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا موسى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} هذه هي القصة السابعة وهي آخر القصص في هذه السورة والمعنى: لقد أرسلنا موسى بشرائع وأحكام وتكاليف إِلهية، وأيدناه بمعجزات قاهرة، وبينات قاهرة، كالعصا واليد {إلى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ} أي إلى فرعون وأشراف قومه {فاتبعوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ} أي فأطاعوا أمر فرعون وعصوا أمر الله {وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} أي وما أمر فرعون بسديد لأنه ليس فيه رشد ولا هدى، وإنما هو جهل وضلال {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ القيامة} أي يتقدم أمامهم إلى النار يوم القيامة كما كان يتقدمهم في الدنيا {فَأَوْرَدَهُمُ النار} أي أدخلهم نار جهنم {وَبِئْسَ الورد المورود} أي بئس المدخل المدخول هي.

{وَأُتْبِعُواْ فِي هذه لَعْنَةً} أي أُلحقوا فوق العذاب الذي عجله الله لهم لعنةً في الدنيا {وَيَوْمَ القيامة} أي وأُردفوا بلعنةٍ أخرى يوم القيامة {بِئْسَ الرفد المرفود} أي بئس العونُ الُمعان والعطاء المُعْطى لهم، وهي اللعنة في الدارين.

البَلاَغَة: 1 - {ذَهَبَ الرَّوْعُ. . وَجَآءَتْهُ} بينهما طباقٌ وهو من المحسنات البديعية.

2 - {جَآءَ أَمْرُ رَبَّكَ} كناية عن العذاب الذي قضاه الله لهم.

3 - {أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ} الاستفهام للتعجب والتوبيخ.

4 - {أَوْ آوي إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ} قال الشريف الرضي: وهذه استعارة والمراد بها قومه وعشيرته جعلهم ركناً له لأن الإنسان يلجأ إِلى قبيلته، ويستند إلى أعوانه كما يستند إِلى ركن البناء الرصين، وجاء جواب «لو» محذوفاً تقديره: لحلت بينكم وبين ما هممتم به من الفساد، والحذف هاهنا أبلغ لأنه يوهم بعظيم الجزاء وغليظ النكال.

5 - {عَالِيَهَا سَافِلَهَا} بينهما طباقٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015