صفوه التفاسير (صفحة 581)

دعوتي فقد أبلغتكم أيها القوم رسالة ربي، وما على الرسول إلا البلاغ {وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ} أي فسوف يهلككم الله ويستخلف قوماً آخرين غيركم، وهذا وعيدٌ شديد {وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئاً} أي لا تضرون الله شيئاً بإشراككم {إِنَّ رَبِّي على كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ} أي إنه سبحانه رقيبٌ على كل شيء، وهو يحفظني من شركم ومكركم {وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا} أي ولما جاء أمرنا بالعذاب، وهو ما نزل بهم من الريح العقيم {نَجَّيْنَا هُوداً والذين آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا} أي نجينا من العذاب هوداً والمؤمنون بفضل عظيم ونعمة منا عليهم {وَنَجَّيْنَاهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ} أي وخلصانهم من ذلك العذاب الشديد، وهي الريح المدمرة التي كانت تهدم المساكن، وتدخل في أنوف أعداء الله وتخرج من أدبارهم، وتصرعهم على وجوههم حتى صاروا كأعجاز نخل خاوية {وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ} الإِشارة لآثارهم أي تلك آثار المكذبين من قوم عاد انظروا ماذا حلّ بهم حين كفروا بالله، وأنكروا آياته في الأنفس والآفاق الدالة على وحدانيته؟ {وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ} أي عصوا رسوله هوداً، وجمعه تفظيعاً لحالهم، وإظهاراً لكلمال كفرهم وعنادهم، ببيان أن عصيانهم له عصيانٌ لجميع الرسل السابقين واللاحقين لاتفاق كلمتهم على التوحيد {واتبعوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} أي أطاعوا أمر كل مستكبر على الله، حائدٍ عن الحق، لا يُذعن له ولا يقبله، يريد به الرؤساء والكبراء {وَأُتْبِعُواْ فِي هذه الدنيا لَعْنَةً} أي وأُلحقوا باللعنة والطرد من رحمة الله في الدنيا {وَيَوْمَ القيامة} أي ويوم القيامة أيضاً تلحقهم اللعنة قال الرازي: جعل اللعن رديفاً لهم ومتابعاً ومصاحباً في الدنيا والآخرة، ومعنى اللعنة الإِبعاد من رحمة الله تعالى ومن كل خير {ألا إِنَّ عَاداً كَفَرُواْ رَبَّهُمْ} هذ تشنيعٌ لكفرهم وتهويلٌ أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ} أي أبعدهم الله من الخير، وأهلكهم عن بكرة أبيهم، وهي جملة دعائية بالهلاك واللعنة {وإلى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً} أي ولقد أرسلنا إلى قوم ثمود نبيا منهم وهو صالح عليه السلام {قَالَ ياقوم اعبدوا الله مَا لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرُهُ} أي اعبدوا الله وحده ليس لكم ربٌّ معبود سواه {هُوَ أَنشَأَكُمْ مِّنَ الأرض} أي هو تعالى ابتدأ خلقكم من الأرض، فخلق آدم من تراب ثم ذريته من نطفة {واستعمركم فِيهَا} أي جعلكم عمَّارها وسكانها تسكنون بها {فاستغفروه ثُمَّ توبوا إِلَيْهِ} أي استغفروه من الشرك ثم ارجعوا إليه بالطاعة {إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ} أي إنه سبحانه قريب الرحمة مجيب الدعاء {قَالُواْ ياصالح قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هذا} أي كنا نرجو أن تكون فينا سيّداً قبل تلك المقالة فلما قلتها انقطع رجاؤنا فيك {أَتَنْهَانَآ أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} أي أتنهانا يا صالح عن عبادة الأوثان التي عبدها آباؤنا؟ {وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ} أي وإننا لشاكون في دعواك، وأمرُك مريب يوجب التهمة {قَالَ ياقوم أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ على بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي} أي أخبروني إن كنتُ على برهانٍ وحجة واضحةٍ من ربي {وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً} أي وأعطاني النبوة والرسالة {فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ الله إِنْ عَصَيْتُهُ} أي فمن يمنعني من عذاب الله إن عصيت أمره؟ {فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ} أي فما تزيدونني بموافقتكم وعصيان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015