صفوه التفاسير (صفحة 560)

يفوز ولا ينجح الساحرون {قالوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} أي أجئتنا لتصرفنا وتلوينا عن دون الآباء والأجداد؟ {وَتَكُونَ لَكُمَا الكبريآء فِي الأرض} أي يكون لك ولأخيك هارون العظمة والملك والسلطان في أرض مصر {وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ} أي ولسنا بمصدقين لكما فيما جئتما به {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائتوني بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ} أي ائتوني بكل ساحر ماهر، عليمٍ بفنون السحر {فَلَمَّا جَآءَ السحرة قَالَ لَهُمْ موسى أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مُّلْقُونَ} في الكلام محذوف تقديره فأتوه بالسحرة فلما جاءوا قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون من حبالكم وعصيكم {فَلَمَّآ أَلْقُواْ قَالَ موسى مَا جِئْتُمْ بِهِ السحر} أي ما جئتم به الآن هو السحرُ لا ما اتهمتموني به {إِنَّ الله سَيُبْطِلُهُ} أي سيمحقه وسيذهب به ويظهر بطلانه للناس {إِنَّ الله لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ المفسدين} أي لا يصلح عمل من سعى بالفساد {وَيُحِقُّ الله الحق بِكَلِمَاتِهِ} أي يثبت الله الحق ويقوّيه بحججه وبراهينه {وَلَوْ كَرِهَ المجرمون} أي ولو كره ذلك الفجرة الكافرون {فَمَآ آمَنَ لموسى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ} أي فما آمن مع موسى ولا دخل في دينه، مع مشاهدة تلك الآيات الباهرة إِلا نفرٌ قليلٌ من أولاد بني إِسرائيل قال مجاهد: هم أولاد الذين أُرسل إليهم موسى من طول الزمان ومات آباؤهم {على خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ} أي على تخوف وحذر من فرعون وملأه أن يعذبهم ويصرفهم عن دينهم {وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأرض} أي عاتٍ متكبر مفسد في الأرض {وَإِنَّهُ لَمِنَ المسرفين} أي المتجاوزين الحدَّ بادعاء الربوبية {وَقَالَ موسى ياقوم إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بالله} أي قال لقومه لما رأى تخوف المؤمنين من فرعون يا قوم إِن كنتم صدقتم بالله وبآياته {فَعَلَيْهِ توكلوا} أي على الله وحده اعتمدوا فإِنه يكفيكم كل شرٍّ وضُرّ {إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ} أي إِن كنتم مستسلمين لحكم الله منقادين لشرعه {فَقَالُواْ على الله تَوَكَّلْنَا} أي أجابوا قائلين: على ربنا اعتمدنا وبه وثقنا {رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظالمين} أي لا تسلّطهم علينا حتى يعذبونا ويفتتنوا بنا فيقولوا: لو كان هؤلاء على الحق لما أصيبوا {وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ القوم الكافرين} أي خلِّصنا وأنقذنا بفضلك وإِنعامك من كيد فرعون وأنصاره الجاحدين {وَأَوْحَيْنَآ إلى موسى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً} أي اتخذا لهم بيوتاً للصلاة والعبادة {واجعلوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} اي اجعلوها مصلّى تصلون فيها عند الخوف قال ابن عباس: كانوا خائفين فأمروا أن يصلّوا في بيوتهم {وَأَقِيمُواْ الصلاة} أي أدوا الصلاة المفروضة في أوقاتها، بشروطها وأركانها على الوجه الأكمل {وَبَشِّرِ المؤمنين} أي بشّر يا موسى أتباعك المؤمنين بالنصر والغلبة على عدوهم {وَقَالَ موسى رَبَّنَآ إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الحياة الدنيا} أي قال موسى يا ربنا إنك أعطيت فرعون وكبراء قومه وأشرافهم، زينةً من متاع الدنيا وأثاثها، وأنواعاً كثيرة من المال {رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ} اللام لامُ العاقبة أي آتيتهم تلك الأموال الكثيرة لتكون عاقبة أمرهم إِضلال الناس عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015