صفوه التفاسير (صفحة 416)

القدسي:

«يقول الله عَزَّ وَجَلَّ: من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها أو أزيدُ، ومن جاء بالسيئة فجزاء سيئة مثلها أو أغْفرُ» فالزيادة في الحسنات من باب الفضل، والمعاملة بالمثل في السيئات من باب العدل {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي ربي إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} أي قل يا محمد لهؤلاء المشركين المكذبين إِن ربي هداني إِلى الطريق القويم وأرشدني إِلى الدين الحق دين إِبراهيم {دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً} أي ديناً مستقيماً لا عوج فيه هو دين الحنيفية السمحة الذي جاء به إِمام الحنفاء إِبراهيم الخليل {وَمَا كَانَ مِنَ المشركين} أي وما كان إِبراهيم مشركاً، وفيه تعريضٌ بإِشراك من خالف دين الإِسلام لخروجه عن دين إِبراهيم {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي} أي قل يا محمد إِنَّ صلاتي التي أعبد بها ربي {وَنُسُكِي} أي ذبحي {وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي} أي حياتي ووفاتي وما أقدّمه في هذه الحياة من خيرات وطاعات {للَّهِ رَبِّ العالمين} أي ذلك كله لله خالصاً له دون ما أشركتم به {لاَ شَرِيكَ لَهُ} أي لا أعبد غير الله {وبذلك أُمِرْتُ} أي بإِخلاص العبادة لله وحده أُمرتُ {وَأَنَاْ أَوَّلُ المسلمين} أي أولُّ من أقرَّ وأذعنَ وخضع لله جلّ وعلا {قُلْ أَغَيْرَ الله أَبْغِي رَبّاً} تقريرٌ وتوبيخ للكفار، وسببها أنهم دعوة إِلى عبادة آلهتهم والمعنى: قل يا محمد أأطلب رباص غير الله تعالى؟ {وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ} أي والحال هو خالق ومالك كل شيء فكيف يليق أن أتخذ إِلهاً غير الله؟ {وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا} أي لا تكون جناية نفسٍ من النفوس إِلا عليها {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى} أي لا يحمل أحدٌ ذنب أحد، ولا يؤاخذ إِنسانٌ بجريرة غيره {ثُمَّ إلى رَبِّكُمْ مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} وهذا وعيدٌ وتهديد أي مرجعكم إِليه يوم القيامة فيجازيكم على أعمالكم ويميز بين المحسن والمسيء {وَهُوَ الذي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأرض} أي جعلكم خلفاً للأمم الماضية والقرون السالفة يخلف بعضكم بعضاً قال الطبري: أي استخلفكم بعد أن أهلك من كان قبلكم من القرون والأمم الخالية فجعلكم خلائف منهم في الأرض تخلفونهم فيها {وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} أي خالف بين أحوالكم في الغنى والفقر، والعلم والجهل، والقوة والضعف وغير ذلك مما وقع فيه التفضيل بين العباد {لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُمْ} أي ليختبر شكركم على ما أعطاكم قال ابن الجوزي: أي ليختبركم فيظهر منكم ما يكون به الثواب والعقاب {إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ العقاب وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} أي إِن ربك سريع العقاب لمن عصاه وغفور رحيم لمن أطاعه، قال في التسهيل: جمع بين الخوف والرجاء، وسرعة العقاب إِما في الدنيا بتعجيل الأخذ أو في الآخرة لأن كل ما هو آتٍ قريب.

البَلاَغَة: 1 - {وَلاَ تَتَّبِعُواْ السبل} السُّبل استعارة عن البدع والضلالات والمذاهب المنحرفة.

2 - {لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً} التنكير لإِفادة العموم والشمول.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015