صفوه التفاسير (صفحة 409)

141

المنَاسَبَة: لّما أخبر تعالى عن المشركين أنهم حرّموا أشياء مما رزقهم الله وحكى طرفاً من قبائحهم وجرائمهم، ذكر تعالى هناما امتنَّ به عليهم من الرزق الذي تصرفوا فيه بغير إِذنه تعالى افتراءً منهم عليه واختلافاً، ثم أعقبه باحتجاجهم على الشرك وعدم الإِيمان بالقضاء والقدر، وهذا أيضاً من جملة الكذب والبهتان والافتراء على الله.

اللغَة: {مَعْرُوشَاتٍ} مرفوعات على ما يحملها من العيدان {حَصَادِهِ} الحصاد: جمع الثمر كالجُذاذ {حَمُولَةً} الحمولة: الإِبل التي تحمل الأثقال على ظهورها {فَرْشاً} الفرش: الصغا التي لا تصلح للحمل كالفُصلان والعجاجيل قال الزجاج: الفرشُ صغار الإِبل قال الشاعر:

أورثني حمولةً وفرْشاً ... أمُشُّها في كلِّ يومٍ مَشَاً

التفِسير: {وَهُوَ الذي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ} أي هو الذي أنعم عليكم بأنواع النعم لتعبدوه وحده، فخلق لكم بساتين من الكروم منها مرفوعات على عيدان، ومنها متروكات على وجه الأرض لم تعرش {والنخل والزرع مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ} أي وأنشأ لكم شجر النخيل المثمر بما هو فاكهة وقوت، وأنواع الزرع المحصّل لأنواع القوت مختلفاً ثمره وحبُّه في اللون والطعم والحجم والرائحة {والزيتون والرمان مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ} أي متشابهاً في اللون والشكل وغير متشابه في الطعم {كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَآ أَثْمَرَ} أي كلوا أيها الناس من ثمر كل واحد مما ذكر إِذا أدرك من رطبه وعنبه {وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} أي أعطوا الفقير والمسكين من ثمره يوم الحصاد ما تجود به نفوسكم وقال ابن عباس: يعني الزكاة المفروضة يوم يكال ويعلم كيْلُه {وَلاَ تسرفوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المسرفين} أي ولا تسرفوا في الأكل لما فيه من مضرة العقل والبدن قال الطبري: المختار قول عطاء أنه نهيٌ عن الإِسراف في كل شيء {وَمِنَ الأنعام حَمُولَةً وَفَرْشاً} أي وخلق لكم من الأنعام ما يحمل الأثقالَ وما يُفرش للذبح «أي يضجع» قال ابن أسلم: الحمُولةُ ما تركبون، والفَرْشُ ما تأكلون وتحلبون {كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ الله} أي كلوا من الثمار والزروع والأنعام فقد جعلها الله لكم رزقاً {وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشيطان} أي طريقه وأوامره في التحليل والتحريم كفعل أهل الجاهلية {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} أي إِن الشيطان ظاهر العداوة للإِنسان فاحذروا كيده {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مَّنَ الضأن اثنين وَمِنَ المعز اثنين} أي وأنشأ لكم من الأنعام ثمانية أنواعٍ أحلّ لكم أكلها، من الضأن ذكراً وأنثى، ومن المعز ذكراً وأنثى قال القرطبي: يعني ثمانية أفرادٍ، وكلُّ فردٍ عند العرب يحتاج إِلى آخر يُسمَّى زوجاً فيقال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015