إِلاَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات} أي جعوا بين الإِيمان وصالح الأعمال، فهؤلاء هم الفائزون لأنهم باعوا الخسيس بالنفيس، واستبدلوا الباقيات الصالحات عوضاً عن الشهوات العاجلات {وَتَوَاصَوْاْ بالحق} أي أوصى بعضهم بعضاً بالحق، وهو الخير كله، من الإِيمان، والتصديق، وعبادة الرحمن {وَتَوَاصَوْاْ بالصبر} أي وتواصوا بالصبر على الشدائد والمصائب، وعلى فعل الطاعات، وترك المحرمات. . حكم تعالى بالخسار على جميع الناس إِلا من أتى بهذه الأشياء الأربعة وهي: الإِيمان، والعمل الصالح، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، فإِن نجاة الإِنسان لا تكون إِلا إِذا كمَّل الإِنسان نفسه بالإِيمان والعمل الصالح، وكمَّل غيره بالنصح والإِرشاد، فيكون قد جمع بين حق الله، وحق العباد، وهذا هو السرُّ في تخصيص هذه الأمور الأربعة.
البَلاَغَة: تضمنت السورة الكريمة وجوهاً من البديع والبيان نوجزها فيما يلي:
1 - إِطلاق البعض وإرادة الكل {إِنَّ الإنسان} أي الناس بدليل الاستثناء.
2 - التنكير للتعظيم {لَفِى خُسْرٍ} أي في خسرٍ عظيم ودمار شديد.
3 - الإِطناب بتكرار الفعل {وَتَوَاصَوْاْ بالحق وَتَوَاصَوْاْ بالصبر} لإِبراز كمال العناية به.
4 - ذكر الخاص بعد العام {وَتَوَاصَوْاْ بالصبر} بعد قوله {بالحق} فإن الصبر داخل في عموم الحق، إِلا أنه أفرده بالذكر إِشادة بفضيلة الصبر.
5 - السجع غير المتكلف مثل {العصر، الصبر، خُسْرٍ} وهو من المحسنات البديعية.
تنبيه: أخرج البيهقي في الشعب عن «أبي حذيفة» وكانت له صحبة قال: كان الرجلان من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِذا التقيا لم يتفرقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر سورة {والعصر} ثم يسلم أحدهما على الآخر.