صفوه التفاسير (صفحة 1422)

بيده مفاتيح الرزق يعطي من يشاء ويمنع عن من يشاء، ولا يملك أحدٌ أن يمنع فضل الله عن عباده {ولكن المنافقين لاَ يَفْقَهُونَ} أي ولكنَّ المنافقين لا يفهمون حكمة الله وتدبيره، فلذلك يقولون ما يقولون من مقالات الكفر والضلال.

. ثم عدَّد تعالى بعض قبائحهم وأقوالهم الشنيعة فقال {يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى المدينة} أي يقولون لئن رجعنا من هذه الغزوة غزوة بني المصطلق وعدنا إِلى بلدنا «المدينة المنورة» {لَيُخْرِجَنَّ الأعز مِنْهَا الأذل} أي لنخرجنَّ منها محمداً وصحبه، والقائل هو ابن سلول، وعن بالأعز نفسه وأتباعه، وبالأذل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ومن معه قال المفسرون: «لما قال ابن سلول ما قال ورجع إِلى المدينة، وقف له ولده» عبد الله «على باب المدينة واستلَّ سيفه، فجعل الناسُ يمرون به، فلما جاء أبوه قال له ابنه: وراءك، والله لا تدخل المدينة أبداً حتى تقول: إنَّ رسول الله هو الأعزُّ، وأنا الأذل فقالها: ثم جاء إِلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقال يا رسول الله: بلغني أنك تريد أن تقتل أبي، فإن كنت فاعلاً فمرني فأنا أحمل إِليك رأسه! {فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقيى معنا» {وَلِلَّهِ العزة وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} أي لله جل وعلا القوة والغلبة ولمن أعزه وأيده من رسوله والمؤمنين لا لغيرهم، والصيغة تفيد الحصر قال القرطبي: توهموا أنًَّ العزة بكثرة الأموال والأتباع، فبيَّن الله أن العزة والمنعة لله ولرسوله وللمؤمنين {ولكن المنافقين لاَ يَعْلَمُونَ} أي ولكنَّ المنافقين لفرط جهلهم وغرورهم لا يعلمون أن العزة والغلبة لأوليائه دون أعدائه {ياأيها الذين آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ الله} لما ذكر قبائح المنافقين، نهى المؤمنين عن التشبيه بهم في الاغترار بالأموال والأولاد والمعنى: لا تشغلكم أيها المؤمنون الأموال والأولاد عن طاعة الله وعبادته، وعن أداء ما افترضه عليكم من الصلاة، والزكاة، والحج، كما شغلت المنافقين قال أبو حيان: أي لا تشغلكم أموالكم بالسعي في نمائها، والتلذذ بجمعها، ولا أولادكم بسروركم بهم، وبالنظر في مصالحهم، عن ذكر الله وهو عام في الصلاة، والتسبيح، والتحميد، وسائر الطاعات {وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فأولئك هُمُ الخاسرون} أي ومن تشغله الدنيا عن طاعة الله وعبادته، فأولئك هم الكاملون في الخسران، حيث آثروا الحقير الفاني على العظيم الباقي، وفضلوا العاجل على الآجل {وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ} أي وأنفقوا في مرضاة الله، من بعض ما أعطيناكم وتفضلنا به عليكم من الأموال {مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الموت} أي قبل أن يحلَّ الموتُ بالإِنسان، ويصبح في حالة الاحتضار {فَيَقُولُ رَبِّ لولا أخرتني إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ} أي فيقول عند تيقنه الموت، يا ربِّ هلاَّ أمهلتني وأخرت موتي إِل زمنٍ قليل} ! {فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصالحين} أي فأتصدق وأحسن عملي، وأصبح تقياً صالحاً قال ابن كثير: كلُّ مفرطٍ يندم عند الاحتضار، ويسأل طول المدة ليستدرك ما فات، ولكن ههيات {وَلَن يُؤَخِّرَ الله نَفْساً إِذَا جَآءَ أَجَلُهَآ} أي ولن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015