لوناً من الطعام، ما فيها لونٌ يشبه الآخر» {وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ} هو شجر الموز ومعنى {مَّنضُودٍ} أي متراكم قد نُضد بالحمل من أسفله إِلى أعلاه {وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ} أي وظل دائم باقٍ لا يزول ولا تنسخه الشمس، لأن الجنة ظل كلها لا شمس فيها {لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلاَ زَمْهَرِيراً} [الإِنسان: 13] وفي الحديث «إن في الجنة شجرةً يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها واقرءوا إن شئتم {وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ} » وقال الرازي: ومعنى {مَّمْدُودٍ} أي لا زوال له فهو دائم {أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا} [الرعد: 35] أي دائم، والظلُّ ليس ظل الأشجار، بل ظل يخلقه الله تعالى {وَمَآءٍ مَّسْكُوبٍ} أي وماءٍ جارٍ دائماً لا ينقطع يجري في غير أخدود قال القرطبي: كانت العرب أصحاب بادية، والأنهار في بلادهم عزيزة، لا يصلون إِلىلماء إِلا بالدلو والرشاء، فوعدوا بالجنة بأسباب النزهة وهي الأشجار وظلالها، والمياه والأنهار وجريانها {وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لاَّ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ} أي وفاكهةٍ كثيرة متنوعة، ليست بالقليلة العزيزة كما كانت في بلادهم، لا تنقطع كما تنقطع ثمار الدنيا في الشتاء، وليست ممنوعة عن أحد، قال ابن عباس: لا تنقطع إِذا جُنيت، ولا تمتنع من أحدٍ إِذا أراد أخذها وفي الحديث «ما قُطعت ثمرةٌ من ثمار الجنة إِلا عاد مكانها أخرى» {وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ} أي عالية وطيئة ناعمة وفي الحديث «ارتفاعها كما بين السماء والأرض، ومسيرة ما بينهما خمس مائة عام» قال الألوسي: ولا تستبعد هذا من حيث العروجُ والنزولُ، فالعالم عالم آخر فوق طور عقلك تنخفض للمؤمن إِذا أراد الجلوس عليها ثم ترتفع به، والله على كل شيء قدير {إِنَّآ أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَآءً} أي خلقنا نساء الجنة خلقاً جديداً، وأبدعناهن إِبداعاً عجيباً، قال في التسهيل: ومعنى إنشاء النساء أن الله تعالى يخلقهن في الجنة خلقاً آخر في غاية الحسن بخلاف الدنيا، فالعجوز ترجع شابة، والقبيحة ترجع جميلة قال ابن عباس: يعني الآدميات العجائز الشمط خلقهن الله بعد الكبر الهرم خلقاً آخر {فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً} أي فجعلناهن عذارى، كلما أتاهنَّ أزواجهن وجدوهنَّ أبكاراً {عُرُباً} جمع عروب وهي المتحببة لزوجها العاشقة له قال مجاهد: هنَّ العاشقات لأزواجهن المتحببات لهن اللواتي يشتهين أزواجهن {أَتْرَاباً} أي مستويات في السنِّ مع أزواجهن، في سنّ أبناء ثلاث وثلاين، عن أم سلمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالت:
«سألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عن قوله تعالى {إِنَّآ أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَآءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً عُرُباً أَتْرَاباً} فقال يا أم سلمة: هنَّ اللواتي قُبضن في الدنيا عجائز، شُمطاً عُمشاً، رُمصاً، جعلهن الله بعد الكِبر أتراباً على ميلادٍ واحد في الاستواء» وفي الحديث «أن امرأة عجوزاً جاءت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقالت يا رسول الله: أُدع الله أن يُدخلني الجنة، فقال: يا أم فلان إِن الجنة لا تدخلها