صفوه التفاسير (صفحة 1205)

يقع الإِلهام لغير الأنبياء كالأولياء، غير أن إلهام الأولياء قد يختلط به الشيطان لأنهم غير معصومين، بخلاف الأنبياء فإلهامهم محفوظ منه {إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} أي إنه تعالى متعالٍ عن صفات المخلوقين، حكيم في أفعاله وصنعه، تجري أفعاله على موجب الحكمة {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا} أي وكما أوحينا إلى غيرك من الرسل أوحينا إليك يا محمد هذا القرآن، وسمَّاه روحاً لأن فيه حياة النفوس من موت الجهل، وكان مالك بن دينار يقول: يا أهل القرآن ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟ فإن القرآن ربيع القلوب كما أن الغيب ربيع الأرض {مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الكتاب وَلاَ الإيمان} أي ما كنت يا محمد تعرف قبل الوحي ما هو القرآن، ولا كنت تعرض شرائع الإِيمان ومعالمه على وجه التفصيل {ولكن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا} أي ولكن جعلنا هذا القرآن نوراً وضياءً نهدي به عبادنا المتقين {وَإِنَّكَ لتهدي إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} أي وإنك يا محمد لترشد إلى دين قيمٍ مستقيم هو الإِسلام {صِرَاطِ الله الذي لَهُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض} أي هذا الدين الذي لا اعوجاج فيه هو دينُ الله الذي له كل ما في الكون ملكاً وخلقاً وعبيداً {أَلاَ إِلَى الله تَصِيرُ الأمور} أي ألا إلى الله وحده ترجع الأمور فيفصل فيها بين العباد بحكمه العادل وقضائه المبرم.

البَلاَغَة: تصمنت السورة الكريمة وجوهاً من البيان نوجزها فيما يلي:

1 - المجاز المرسل {لِّتُنذِرَ أُمَّ القرى} [الشورى: 7] أي لتنذر أهل مكة لأن الإِنذار لأهل القرية لا لها.

وفي الآية احتباك حيث حذف من كل نظير ما أثبته في الآخر وتقديره: لتنذر أم القرى العذاب، وتنذر الناس يوم الجمع.

2 - توالي المؤكدات مع صيغة المبالغة {أَلاَ إِنَّ الله هُوَ الغفور الرحيم} [الشورى: 5] وهي ألا، وإن، وضمير الفصل.

3 - الطباق بين {الجنة. . والسعير} وبين {يَبْسُطُ. . ويَقْدِرُ} وبين {ذُكْرَاناً. . وَإِنَاثاً} .

4 - طباق السلب {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا والذين آمَنُواْ مُشْفِقُونَ مِنْهَا} [الشورى: 18] .

5 - الاستعارة {مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخرة} [الشورى: 20] الآية شبه العمل للآخرة بالزارع يزرع الزرع ليجني منه الثمرة والحب، بطريق الاستعارة التمثيلية وهي من لطائف الاستعارة.

6 - المقابلة {وَيَمْحُ الله الباطل وَيُحِقُّ الحق بِكَلِمَاتِهِ} [الشورى: 24] .

7 - عطف العام على الخاص {يُنَزِّلُ الغيث مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ} [الشورى: 28] فالغيث خاص والرحمة عام.

8 - التشبيه المرسل المجمل {وَمِنْ آيَاتِهِ الجوار فِي البحر كالأعلام} أي كالجبال في الضخامة والعظم.

9 - التقسيم {يَشَآءُ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ الذكور أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً} .

10 -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015