صفوه التفاسير (صفحة 1184)

العاملين {وَلاَ تَسْتَوِي الحسنة وَلاَ السيئة} أي لا يتساوى فعل الحنسة مع فعل السيئة، بل بينهما فرقٌ عظيم في الجزاء وحسن العاقبة {ادفع بالتي هِيَ أَحْسَنُ} أي ادفع السيئة بالخصلة التي هي أحسن، مثل أن تدفع الغضب بالصبر، والجهل بالحلم، والإِسارة بالعفو قال ابن عباس: ادفع بحلمك جهل من جهل عليك {فَإِذَا الذي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} أي فإذا فعلت ذلك صار عدوك كالصديق القريب، الخالص الصداقة في مودته ومحبته لك {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الذين صَبَرُواْ} أي وما ينال هذه المنزلة الرفيعة، والخصلة الحميدة، إلاّ من جاهد نفسه بكظم الغيظ واحتمال ُالأذى {وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} أي وما يصل إليها وينالها إلا وينالها إلا ذو نصيب وافر من السعادة واحتمال والخير {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشيطان نَزْغٌ فاستعذ بالله} أي وإن وسوس إليك الشيطان بترك ما أُمرت به من الدفع بالتي هي أحسن، وأراد أن يحملك على البطش والانتقام، فاستعذ بالله من كيده وشره {إِنَّهُ هُوَ السميع العليم} أي هو السميع لأقوال العباد، العليم بأفعالهم وأحوالهم، ثم ذكر تعالى دلائل قدرته الباهرة، وحكمته البالغة فقال {وَمِنْ آيَاتِهِ اليل والنهار والشمس والقمر} أي ومن علاماته الدالة على وحدانيته وقدرته تعاقب الليل والنهار، وتذليل الشمس والقمر، مسخَّرين لمصالح البشر {لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ واسجدوا لِلَّهِ الذي خَلَقَهُنَّ} أي لا تسجدوا للمخلوق واسجدوا للخالق، الذي خلق هذه الأشياء وأبدعها {إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} أي إن كنتم تفردونه بالعبادة فلا تسجدوا لأحدٍ سواه {فَإِنِ استكبروا} أي فإِن استكبر الكفار عن السجود لله {فالذين عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بالليل والنهار} أي فالملائكة الأبرار يعبدونه بالليل والنهار {وَهُمْ لاَ يَسْأَمُونَ} أي لا يملّون عبادته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015