صفوه التفاسير (صفحة 1051)

اللغَة: {مُتْرَفُوهَآ} المترف: المنعَّم المتقلب في الغنى والعز والجاه. {يَبْسُطُ} يوسّع. {وَيَقْدِرُ} يقتَّر. {زلفى} قربى. {إِفْكٌ} كذب مختلق. {مِعْشَارَ} المعشار: العُشر، قال الجوهري: ومعشار الشيء عشره، فهما لغتان. {نَكِيرِ} أصلها نكيري حذفت الياء لمراعاة الفواصل، قال الزجاج: النكير: اسم بمعننى الإِنكار. {جِنَّةٍ} بكسر الجيم أي جنون. {فَوْتَ} نجاة ومهرب. {التناوش} التناول، قال الزمخشري: والتناوش والتناول أخوان، إلا أن التناوش تناولٌ سهلٌ لشيء قريب، ومنه المناوشة في القتال وذلك عند تداني الفريقين، قال ابن السكيت: يقال للرجل إذا تناول رجلاً ليأخذه ناشَه.

التفسِير: {وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ} أي لم نبعث في أهل قريةٍ رسولاً من الرسل ينذرهم عذابنا {إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ} إي إلا قال أهل الغنى والتنعم في الدنيا {إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} أي لا يؤمن برسالتكم ولا نصدقكم بما جئتم به، قال قتادة: المترفون هم جبابرتهم وقادتهم ورؤساؤهم في البشر، وهم الذين يبادرون إلى تكذيب الأنبياء، والقصد بالآية تسلية النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ على تكذيب أكابر قريش له {وَقَالُواْ نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً} أي وقال مشركو مكة: نحن أكثر أموالاً وأولاداً من هؤلاء الضعفاء المؤمنين {وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} أي إن الله لا يعذبنا لأنه راضٍ عنا، ولم يكن راضياً عنا لما بسط لنا من الرزق، قاسوا أمر الدنيا على الآخرة، وظنوا أن الله كما أعطاهم الأموال والأولاد في الدنيا لا يعذبهم في الآخرة، قال أبو حيان: نصَّ تعالى على المتفرقين لأنه أول المذكبين للرسل، لِما شُغلوا به من زخرف الدنيا، وما غلب على عقولهم منها، فقلوبهم أبداً مشغولة منهمكة، بخلاف الفقراء فإنهم خالون من مستلذات الدنيا، فقلوبهُم أقبل للخير ولذلك كانوا أكثر أتباع الأنبياء {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ} أي قل لهم يا محمد: إن توسعة الرزق وتضييقه ليس دليلاً على رضى الله، فقد يوسّع الله على الكافر والعاصي، ويضيق على المؤمن والمطيع ابتلاءً وامتحاناً، فلا تظنوا أن كثرة الأموال والأولاد دليل على المحبة والسعادة، بل هي تابعة للحكمة والمشيئة {ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ} أي ولكنَّ أكثر هؤلاء الكفرة لا يعلمون الحقيقة، فيظنون أن كثرة الأموال والأولاد للشرف والكرامة، وكثيراًما يكون للاستدراج كما ال تعالى: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 182] ولهذا أكَّد ذلك بقوله: {وَمَآ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ بالتي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زلفى} أي ليست أموالكم ولا أولادكم التي تفتخرون بها وتكاثرون هي التي تقربكم من الله قربى، وإنما يقرّب الإِيمان والعمل الصالح، قال الطبري: الزلفى: القربى، ولا يعتبر الناس بكثرة المال والولد، ولهذا قال تعالى بعده: {إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً} أي إلا المؤمن الصالح الذي ينفق ماله في سبيل الله، ويعلّم ولده الخير ويربيه على الصلاح فإن هذا الذي يقرّب من الله {فأولئك لَهُمْ جَزَآءُ الضعف بِمَا عَمِلُواْ} أي تضاعف حسناتهم، الحسنة بعشر أمثالها وبأكثر إلى سبعمائة ضعف {وَهُمْ فِي الغرفات آمِنُونَ} أي وهم في منازل الجنة العالية آمنون من كل عذاب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015