صفوه التفاسير (صفحة 1018)

رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقلن: والله لا نسأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بعد هذا المجلس ما ليس عنده، وأنزل الله آية الخيار {ياأيها النبي قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الحياة الدنيا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً} فبدأ بعائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها فقال لها:» إِنِّي أَذْكُرُ لَكَ أَمْراً ما أُحِبُّ ِأَنْ تَعْجَلِي فِيه حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ «، قالت: ما هو يا رسول الله؟ فتلا عليها الآية فقالت: أفيك أستأمرُ أبوي؟ بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة، وأسألك ألاّ تذكر لامرأة من نسائك ما اخترت، فقال:» إِنَّ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنَّفاً وَلكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّماً وَمُيَسِّراً، لا تَسْأَلُنِي امْرَأةٌ مِنْهُنَّ إلا أَخْبَرْتُهَا «.

ج عن أم سلمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أنها قالت للنبي صلى لله عليه وسلم يا نبيُّ الله: ما لي أسمع الرجال يُذكرون في القرآن، والنساء لا يُذكرن {؟ فأنزل الله تعالى: {إِنَّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات. .} الآية.

التفسِير: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} أي لقد كان لكم أيها المؤمنون في هذا الرسول العظيم قدوةٌ حسنة، تقتدون به صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في إخلاصه، وجهاده، وصبره، فهو المثل الأعلى الذي يجب أن يُقتدى به، في جميع أقواله وأفعاله وأحواله، لأنه لا ينطق ولا يفعل عن هوى، بل عن وحي وتنزيل، فلذلك وجب عليكم تتبع نهجه، وسلوك طريقه {لِّمَن كَانَ يَرْجُواْ الله واليوم الآخر} أي لمن كان مؤمناً مخلصاً يرجو ثواب الله، ويخاف عقابه {وَذَكَرَ الله كَثِيراً} أي وأكثر من ذكر ربه، بلسانه وقلبه، قال ابن كثير: أمر تبارك وتعالى الناسَ بالتأسي بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في صبره ومصابرته، ومجاهدته ومرابطته، ولهذا قال للذين تضجَّروا وتزلزلوا، واضطربوا يوم الأحزاب {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} والمعنى: هلاّ اقتديتم به وتأسيتم بشمائله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ} ! ثم حكى تعالى موقف المؤمنين الصادقين في غزوة الأحزاب أثناء رؤيتهم جنود قريش ومن تحزَّب معهم، وما صدر عن المؤمنين من إخلاصٍ ويقين، تُظهر بوضوح روح الإِيمان والتضحية فقال: {وَلَمَّا رَأَى المؤمنون الأحزاب قَالُواْ هذا مَا وَعَدَنَا الله وَرَسُولُهُ} أي ولمَّا رأى المؤمنون الكفار قادمين نحوهم، وقد أحاطوا بهم من كل جانب إِحاطة السوار بالمعصم، قالوا: هذا ما وعدنا به الله ورسولُه، من المحنة والابتلاء، ثم النصر على الأعداء {وَصَدَقَ الله وَرَسُولُهُ} أي صدق الله في وعده، ورسولُه فيم بشرنا به، قال المفسرون:

«لما كان المسلمون يحفرون الخندق اعترضتهم صخرة عظيمة عجزوا عن تكسيرها، فأخبروا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بها فجاء وأخذ المعول وضربها ثلاث ضربات أضاءت له منها مدائن كسرى، وقصور الروم، فقال:» أَبْشِرُوا باِلنَّصْرِ «، لما أقبلت جموع المشركين ورأوهم قالوا: {هذا مَا وَعَدَنَا الله وَرَسُولُهُ} {وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً} أي وما زادهم ما رأوه من كثرة جند الأحزاب، ومن شدة الضيق والحصار، إِلا إِيماناً قوياً عميقاً بالله، واستسلاماً وانقياداً لأوامره {مِّنَ المؤمنين رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ الله عَلَيْهِ} أي ولقد كان من أولئك المؤمنين رجالٌ صاقدون، نذروا أنهم إِذا أدركوا حرباً مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثبتوا وقاتلوا حتى يستشهدوا {فَمِنْهُمْ مَّن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015