جنوباً، وهو مئة درجة وسبع درجات، تطلع عليها الشمس بعد طلوعها على خط الاستواء الطولي، وهو دائرة نصف نهار القبة بساعة مستوية وثُلثي خمس ساعة، وآخر أطوالها على عرض مدينة....وما أخذ أخذها إلى الجنوب من غير هذه الجزيرة 119 درجة، تطلع عليها الشمس بعد مطلعها على موضع الاستواء بساعتين مستويتين غير ثلث خمس ساعة، وبعد طلوعها على البصرة بأربعة أخماس ساعة وهو مقدار اثنتي عشرة درجة مستقيمة، فإذا ضربنا هذه الدرج في أميال الدرجة - وهي ستة وستون ميلاً وثُلثا ميل - خرج لنا ثمانمئة ميل، فإذا قسمناها على أميال المرحلة للمجدّ في السير، خرج لنا أربعون مرحلة، وإن أردنا أن نعرف طولها، نقصنا عرض عدن وهو اثنتا عشرة درجة، من عرض خمس وثلاثين، وتركنا ما دخل من هذه الجزيرة إلى مثل طرسوس والمصيَّصة وما عرضه ست وثلاثون وسبع وثلاثون درجة، بقي لنا من الدرج ما إذا ضربناه في أميال الدرجة خرج لنا من الأميال ألف وخمسمئة وثلاثة وثلاثون ميلاً، فإذا قسمناها على أميال المرحلة للمجد في السير، خرج لنا ست وسبعون وثلثان، وهذا طول هذه الجزيرة وعرضها القراري من أسفلها، فأما عرضها من أعلاها، فهو بناحية عدن أبين قليل، ثم يزداد فيها السعة أكثر، من ناحية المشرق إلى حضرموت فبلد مهرة فعُمان، ويميل البحر حيث ما دخل في تهامة الشيء بعد الشيء إلى المغرب حتى يكون مميلها من سواحل الحجاز إلى القُلزم نحو المغرب أكثر، فصارت هذه الجزيرة تقطع على أشرف الأقاليم في موسطها، وصار فيها ما تسامتها الشمس والكواكب الجارية مرتين في الثور والأسد، وفي الجوزاء والسرطان، وهي أقرب العمران من خط الاستواء وهي تحت برج من بروج البأس، وبها البيت الحرام، والبيت الذي جعله الله مثابة للناس، وأمنا، ومقام إبراهيم عليه السلام، وأم القرى، ومخرج النبوة، ومعدن الرسالة، ومتبوأ إبراهيم، منشأ إسماعيل، ومولد محمد صلى الله تعالى عليهم أجمعين، ومقطن آل الله، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعتَّاب بن أسيد: " إني مستخلفك على آل الله " وإليها كان يسير آدم، وبها كان قطونه، وبها أرض يثرب مُهاجر النبي عليه السلام، وحرمه، ومركز الإسلام، ومقام الإمامة، وقطب الخلافة،