المتوكل عمر بن محمد فلقيهم بما يجب من الأقوات والضيافات، وبذلك مجهوده، ثم جاءهم الخبر بشخوص ابن فرذلند إليهم، ولما ازدلف بعضهم إلى بعضٍ، أذكى المعتمد عيونه في محلات الصحراويين خوفاً عليهم من مكايد ابن فرذلند، إذ هم غرباء لا علم لهم بالبلاد، وجعل يتولى ذلك بنفسه حتى قيل إن الرجل من الصحراويين كان يخرج عن طرق محلاتهم لبعض شأنه، أو لقضاء حاجته، فيجد ابن عباد بنفسه مطيفاً بالمحلة بعد ترتيب الكراديس من خيلٍ على أفواه طرق محلاتهم؛ فلا يكاد الخارج منهم من المحلة يخطئ إذ ذاك من لقاء ابن عباد لكثرة تطوافه عليهم.

ثم كتب يوسف إلى ابن فرذلند يدعوه إلى الإسلام أو الجزية أو يأذن بحربه فامتلأ غيظاً وعتا وطغا وراجعه بما يدل على شقائه، وقامت الأساقفة والرهبان فرفعوا صلبهم، ونشروا أناجيلهم، وخرجوا يتبايعون على الموت؛ ووعظ يوسف وابن عباد أصحابهما، وقام الفقهاء والعباد يعظون الناس ويحضونهم على الصبر، ويحذرونهم الفرار؛ وجاءهم الطلائع بخبر أن العدو مشرف عليهم صبيحة يومهم، وهو يوم الأربعاء فأصبح المسلمون قد أخذوا مصافهم، فكع ابن فرذلند ورجع إلى إعمال الخديعة، ورجع الناس إلى محلاتهم، وباتوا ليلتهم، ثم أصبح يوم الخميس فأخذ ابن فرذلند في إعمال الحيلة، فبعث لابن عباد يقول: غداً يوم الجمعة وهو عيدكم، وبعده الأحد وهو عيدنا فليكن لقاؤنا بينهما وهو يوم السبت! فعرف المعتمد بذلك يوسف، فقال: نعم! فقال له المعتمد: هذه خديعة من ابن فرذلند! إنما يريد غدر المسلمين! فلا تطمئن إليه، وليكن الناس على استعدادٍ له طول يوم الجمعة كل النهار! وبات الناس ليلتهم على أهبةٍ واحتراسٍ بجميع المحلات، خائفين من كيد العدو، وبعد مضي جزءٍ من الليل انتبه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015