القصبة لم يكن عندهم شئ يقتاتونه إلا ما يأتيهم من المدينة مياومةً، فلو مكث عليه يوماً أو يومين لضاقوا وخرجوا؛ ولم يكن أهل ملتهم نصروهم إلا في مدةٍ بعيدة لبعد المسافة، لكن أبى المقدار إلا أن يفرغ في يومه ذلك، ولم يختر على المبيت ليلةً واحدةً وظن أن الفجاج ترميه بالخيل والرجال، فقال لأهل البلد: أنا راجع؛ فمن أحب أن يخرج فليخرج، ومن أحب أن يقعد فليقعد! فرغبوه أن يمكث يوماً أو يومين فأبى عليهم إلا الرجوع في يومه، فلم يكن لأهل البلد بد من فراق بلدهم والخروج عن نعمتهم فتفرقوا في البلاد، وبقي الروم في جميع المدينة، وملكوها كلها.
ومن أهل بياسة الأديب التأريخى أبو الحجاج يوسف بن إبراهيم البياسى، مصنف كتاب الإعلام لحروب الإسلام، وغيره من تصانيفه.
بالأندلس من أعمال قرطبة، وهي من مدن قبرة، وعلى يمين الطريق الذاهب إلى قرطبة، وشرقي قبرة، بينهما عشرة أميال، وهي على ربوة من الأرض طيبة التربة، كثيرة المياه السائحة، ولها حصن منيع، وبها جامع بناه الإمام عبد الرحمن ومنبر، وكانت قبل الفتنة من غرر البلدان، وكان بها أسواق عامرة، وحمامات، وهي كثيرة البساتين والكروم والزيتون، وهي على نهر مربلة، يأتيها من جهة القبلة، وهو نهر كبير، عليه الأرحارء الكثيرة.
ومن بيانة، قاسم بن أصبغ بن محمد بن يوسف بن ناصح بن عطاء البياني، مولى الوليد بن عبد الملك، سمع بقرطبة من بقى بن مخلد وغيره، وبمكة من جماعة، وبالعراق