وأما باجة الأندلس فهي من أقدم مدائنها، بنيت في أيام الأقاصرة، وبينها وبين قرطبة مائة فرسخ، وهي من الكور المجندة، نزلها جند مصر وكان لواؤهم في الميسرة بعد جند فلسطين، وهم النازلون بشذونة، فحمل الأمير عبد الرحمن بن معاوية لواءهم، وأسقط جندهم، وأخمل ذكرهم؛ وكان سبب ذلك أن العلاء بن مغيث اليحصبى كان رئيس جند باجة، وفثار بها، وقام بها بدعوة بني العباس، ولبس السواد، ورفع راية سوداء، واجتمع إليه قيام من الناس؛ فقاتله عبد الرحمن بن معاوية في قريةٍ من قرى إشبيلية تعرف بالكرم حتى هزمه الإمام وقتله.
ومدينة باجة أقدم مدن الأندلس بنياناً، وأولها اختطاطاً، وإليها انتهى يوليش القيصر، وهو أول من سمى قيصر، وهو الذي سماها باجة، وتفسير باجة في كلام العجم الصلح وحوز باجة وخطتها واسعة، ولها معاقل موصوفة بالمنعة والحصانة.
ومنها الإمام القاضي أبو الوليد الباجى، سليمان بن خلف، شارح الموطا، الفقيه الأديب، العالم المتكلم، رحل إلى الحجاز والعراق، ولقى العلماء وتجول ثلاثة عشر عاماً، وصنف في الأصول والفروع.
وله " متقارب ":
إذا كنت أعلم علماً يقيناً ... بأن جميع حياتى كساعه
فلم لا أكون صيننا بها ... وأجعلها في صلاح وطاعه