من بنيان الأول كان تثلم في الهدنة، ثم بنى في الفتنة، وجنباتها حصينة ممتنعة على المحاربين إلا من جهة المغرب، وارتفاع سورها هناك أربعون حجراً، وبالذراع ثلاث وأربعون ذراعاً، وفي هذا السور الغربي برج يعرف بالبرج الأجم، عليه ينصب العرادات عند القتال؛ وفي ركن هذا السور أيضاً، مما يلي الجوف، بنيان مرتفع على السور يسمى سمرملة، عليه برج للمحاربين، وتحته مرج نضير لا ينهشم ولا يصوح كلاه، ويتصل بهذا السور خندق عميق جداً أولى، وترابه مستند إلى السور، وفي السور القبلي موضع فيه صخرة عظيمة منيعة منتصبة كالحائط، يحسر عنها الطرف من علوها، والسور مبنى فوقها، وقد بقي منها دونه قدر ممشى الرجل، فيتدلى من هناك الرجال لا شتيار العسل، واصطياد فراخ الطير من صدوع تلك الصخرة؛ وفي هذا السور القبلى باب يعرف بباب يرنى، نسب إلى قرية بإزائه تسمى يرنى، وباب قرطبة شرقية عليه قصبة وأبراج، وباب قلشانة بين الشرق والجوف، ومنه الخروج إلى قرطبة لسهولته؛ وأما باب قرطبة فطريقه وعر ممتنع، وباب إشبيلية غربي، دونه إلى داخل المدينة باب ثانٍ بينهما خمسون ذراعاً؛ وبمدينة قرمونة جامع حسن البناء، فيه سبع بلاطات، على أعمدة رخامٍ وأرجل صخرٍ، وسوقها جامعة يوم الخميس، وبها حمامات ودار صناعة، بنيت بعد سنة المجوس مخزناً للسلاح؛ وبداخل مدينة قرمونة آثار كثيرة للأول، ومقطع حجرٍ، وحواليها مقاطع كثيرة، منها مقطع بجوفيها.

وإشبيلية بقرب مدينة قرمونة بينهما عشرون ميلاً.

وبقرب قرمونة فحص عريض حمال للزرع فيه قرى كثيرة ذات مياهٍ غزيرةٍ وعيونٍ وآبارٍ.

وافتتح عبد الرحمن بن محمد مدينة قرمونة سنة305.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015