المال صاغوا منه آلات من الموائد والكراسي وغيرها، من الذهب والفضة، يحمل الشمامعة والقسوس فوقها مصاحف الأناجيل إذا أبرزت في أيام المناسك، ويضعونها على المذابح في الأعياد للمباهاة بزينتها، فكانت تلك المائدة بطليطلة مما ضيع في هذه السبيل، وبالغت الأملاك في تحسينها، يزيد الآخر منهم فيها على الأول، حتى برزت على جميع ما اتخذ من تلك الآلات؛ وطار الذكر بها كل مطار. وكانت مصوغةً من خالص الذهب، مرصعةً بفاخر الدر والياقوت والزبرجد، لم تر الأعين مثلها، فولع في تحسينها من أحل دار المملكة. وأنه لا ينبغي أن يكون بموضع آلة جمالٍ أو متاع مباهاةٍ إلا دون ما يكون فيها؛ وكانت توضع على مذبح كنيسة طليطلة فأصابها المسلمون هناك. وقصة اتصالها إلى سليمان بن عبد الملك ومنازعة موسى بن نصير وطارق مولاه في رحلتهما مشهورة.

قال ابن حيان: ومضى طارق خلف فرار أهل طليطلة، فسلك إلى وادي الحجارة، ثم استقبل الجبل فقطعه، فبلغ مدينة المائدة؛ والمائدة خضراء من زبرجدة، حافاتها منها، وأرجلها؛ وكان لها ثلاثمائة وخمسة وستون رجلاً، فأحرزها عنده.

وبطليطلة بساتين محدقة، وأنهار مخترقة، ودواليب دائرة، وجنات يانعة، وفواكه عديمة المثل؛ ولها من جميع جهاتها أقاليم رفيعة، وقلاع منيعة؛ وعلى بعد منها في جهة الشمال، الجبل العظيم المعروف بالشارات، فيه من البقر والغنم الشئ الكثير، الذي يتجهز به الجلابون إلى سائر البلاد؛ ولا يوجد شئ من أبقاره وأغنامه إلا في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015