طليطلة

بالأندلس، بينها وبين البرج المعروف بوادي الحجارة خمسة وستون ميلاً، وهي مركز لجميع بلاد الأندلس، لأن منها إلى قرطبة تسع مراحل، ومنها إلى بلنسية تسع مراحل أيضاً، ومنها إلى المرية في البحر الشأمى تسع مراحل أيضاً.

وطليطلة عظيمة القطر، كثيرة البشر، وهي كانت دار الملك بالأندلس حين دخلها طارق؛ وهي حصينة، لها أسوار حسنة، وقصبة حصينة، وهي أزلية من بناء العمالقة، وهي على ضفة النهر الكبير، وقل ما يرى مثلها إتقاناً وشماخة بنيانٍ، وهي عالية الذرى، حسنة البقعة، ولها قنطرة من عجائب البنيان، وهي قوس واحدة، والماء يدخل تحتها بعنفٍ وشدة جرىٍ، ومع آخر القنطرة ناعورة، وارتفاعها في الجو تسعون ذراعاً، وهي تصعد الماء إلى أعلى القنطرة، ويجري الماء على ظهرها فيدخل المدينة.

وكانت طليطلة دار مملكة الروم، وكان بطليطلة بيت مغلق متحامى الفتح على الأيام، عليه عدة من الأقفال، يلزمه قوم من ثقات القوط قد وكلوا به لئلا يفتح، قد عهد الأول في ذلك إلى الآخر، فلما قعد لذريق ملكاً أتاه أولئك الموكلون بالبيت يسألونه أن يقفل على الباب فقال: لا أفعل حتى أعلم ما فيه ولا بد لي من فتحه! فقالوا: أيها الملك إنه لم يفعل هذا أحد قبلك! فلم يلتفت إليهم ومضى إلى البيت، فأعظمت ذلك العجم، وضرع إليه أكابرهم، فلم يفعل وظن أنه بيت مالٍ قد احترمته الملوك؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015