الحكم بن عبد الرحمن يخبره بالفتح، ويصف الكنيسة وأرضها، وله فيها قصيدة مشهورة.
حصن على أربع مراحل من مرسية بالأندلس في شرقيها، مشهور بالمنحة، ظفر به في الصلح محمد بن هود سنة 614، ومعه خمسمائة من أجناد الرجال، فغدر به؛ لأن أبا سعيد بن الشيخ أبي حفص الهنتاتى، لما طاف على حصون الأندلس يتفقدها في أيام الهدنة، نظر إلى هذا المعقل وهو بارز إلى السماء مع وثاقة بنائه فأعجبه وقال: كيف أخذ الروم هذا الحصن من المسلمين؟ فقيل: غدروا به في زمان الصلح! فقال: أما في أجناد المسلمين من يجازيهم بفعلهم؟ فسمعه ابن هود فأسرها في نفسه، إلى أن تمت له الحيلة، فطلع في سلمٍ من حبالٍ فذبح السامر الذي يحرس بالليل، ولم يزل يطلع رجاله واحداً وأحداً إلى أن حصلوا بجملتهم في الحصن، وفر الروم الذين خلصوا من القتل إلى برج مانع. فقال ابن هود: إن أصبح هؤلاء في هذا البرج جاءهم المدد من كل مكان! فالرأي أن نطلق النيران في بابه! فلما رأوا الدخان، وأبصروا اشتعال النار طلبوا الصلح على أن يخرجوا بأنفسهم، فكان ذلك واستولى المسلمون على الحصن؛ وكان الروم قد أرسلوا في الليل شخصاً دلوه من البرج، فأصبحت الخيل والرجال على الحصن، وقد أحكم المسلمون أمره، فانصرفوا في خجلةٍ وخيبةٍ، وترددت في شأنه المخاطيات إلى مراكش، فقال الوزير ابن جامع لابن الفخار: أخذناه في الصلح، كما أخذ عنا في الصلح! ومن هذه الوقيعة اشتهر أبن هود عند أهل شرق الأندلس، وصاروا يقولون: هو الذي استرجع شنفيره!