7 - (53) حدثني محمد بن عثمان بن حمد الأنصاري وأحمد بن محمد التميمي قالا: حدثنا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو الْقُرَشِيُّ البيساني (?): حدثنا آدم بن أبي إياس: حدثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابنِ عمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: أقبلَ قومٌ مِن اليهودِ إِلَى أَبِي بكرٍ الصديقِ رَضِيَ اللهُ عنه فَقالوا له: يَا أَبَا بكرٍ صِفْ لَنَا صاحبَكَ.
فقالَ: معاشِرَ يهودَ، لَقَدْ كنتُ مَعَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الغارِ كَإِصْبَعَيَّ هاتَينِ، وَلَقَدْ صَعدتُ مَعَهُ جبلَ حِراءَ، وإنَّ خِنصري لَفِي خنصرِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكنَّ الحديثَ عَنِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شديدٌ، وَهَذَا عليُّ بنُ أَبِي طالبٍ.
فأتَوا عَلِيًّا فَقالوا: يَا أَبَا الحسنِ، صِفْ لَنَا ابنَ عمِّكَ فقالَ عليٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
لَمْ يكنْ حَبيبي رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالطويلِ الذاهبِ طُولا، وَلا بالقصيرِ المُترددِ، كانَ فوقَ الرَّبعَةِ، أبيضَ اللونِ، مُشربَ الحُمرةِ، جَعْد ليسَ بالقَططِ، يفرقُ شعرَهُ إِلَى أُذنِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
-[160]- وكانَ حَبيبي محمدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلْتَ الجَبينِ، واضحَ الخدَّينِ، أَدعجَ العينِ، دقيقَ المَسربةِ، برَّاقَ الثَّنايا، أَقنى الأنفِ، كأنَّ عنقَه إبريقُ فضةٍ، كأنَّ الذهبَ يَجري فِي تَراقيه.
كانَ لِحبيبي محمدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شعراتٍ مِن لبتِهِ إِلَى سرَّتِهِ، كأنهنَّ قضيبُ مسكٍ أسودُ، لَمْ يكنْ في جسدِهِ ولا في صدِرِه شعراتٌ غيرُهنَّ، بينَ كَتفيهِ كدَارةِ القمرِ ليلةَ البدرِ، مكتوبٌ بالنورِ سطرانِ:
السطرُ الأَعلى: لا إلهَ إِلا اللهُ.
وَفِي السطرِ الأسفلِ: محمدٌ رسولُ اللهِ.
وكانَ حَبيبي محمدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَثْنَ الكفَّينِ والقدمِ، إِذَا مَشى كأنَّما ينقَلعُ مِن صخرٍ، وَإِذَا انحدَرَ كأنَّما ينحدرُ مِن صَببٍ، وإِذا التفتَ التفتَ بمجامعِ بدنِهِ، وَإِذَا قامَ غمرَ الناسَ، وَإِذَا قعدَ عَلا الناسَ، فإِذا تكلَّمَ أَنصتَ لَهُ الناسُ، وَإِذَا خطَبَ بَكى الناسُ.
وكانَ حَبيبي محمدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرحمَ الناسِ بالناسِ، كانَ لليتيمِ كالأبِ الرَّحيمِ، وللأَرملةِ كالزَّوجِ الكريمِ.
وكانَ محمدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشجعَ الناسِ قَلْبًا، وأَبذلَه كَفًّا، وأَصبحَه وَجهاً، وأَطيبَه رِيحًا، وأَكرمَه حَسَبًا، لَمْ يكنْ مثلُه وَلا مثلُ أهلِ بيتِهِ في الأوَّلينَ والآخِرينَ.
كانَ لِباسُه العبا، وطعامُهُ خبزُ الشعيرِ، ووسادتُهُ الأَدمُ، محشوةٌ بليفِ النخلِ، سَريرُه أمُّ غيلانَ مرملٌ بالشريطِ.
كانَ لمحمدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمامتانِ، إِحداهُما تُدعى: السحابُ، والأُخرى: العُقابُ.
وكانَ سيفُه ذَا الفَقارِ، ورايتُهُ الغبراءُ، وناقتُهُ العضباءُ، وبغلتُهُ (دلدل) (?)، حمارُهُ يعفورٌ، فرسُهُ مرتجزٌ، شاتُهُ بركةٌ، قضيبُه الممشوقُ، لواؤُهُ الحمدُ، إِدامُه اللبنُ، قِدرُهُ الدباءُ، (تحيتُهُ) (?) الشكرُ.
-[161]- يَا أهلَ الكتابِ كانَ حَبيبي محمدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعقلُ البعيرَ، ويَعلفُ الناضحَ، ويَحلبُ الشاةَ، ويَرقعُ الثوبَ، ويَخصفُ النعلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.