صفه الفتوي (صفحة 40)

الْأَوْجه من غير نظر فِي التَّرْجِيح وَلَا يقْتَدى بِهِ فقد جهل وخرق الاجماع

وَقد حُكيَ عَن بعض الْفُقَهَاء الْمَالِكِيَّة أَنه قَالَ الَّذِي عَليّ لصديقي إِذا وَقعت لَهُ حُكُومَة أَن أفتيه بالرواية الَّتِي توافقه وَوَقعت لرجل وَاقعَة فَأفْتى فِيهَا جمَاعَة بِمَا يضرّهُ فَلَمَّا عَاد وسألهم قَالُوا مَا علمنَا أَنَّهَا لَك وأفتوه بالرواية الْأُخْرَى الَّتِي توافقه وَذَلِكَ يَفْعَلُونَهُ لقلَّة خَيرهمْ وَكَثْرَة نفاقهم وَلَا خلاف فِي تَحْرِيم ذَلِك بَين الْعلمَاء

وَقد قَالَ مَالك لَيْسَ كل مَا فِيهِ توسعة قلت لَا توسعة فِيهِ يَعْنِي أَن اخْتلَافهمْ يدل على أَن للِاجْتِهَاد مجالا فِي مَا بَين أَقْوَالهم وَإِن ذَلِك مِمَّا لَيْسَ يقطع فِيهِ بقول وَاحِد مُتَعَيّن لَا مجَال للِاجْتِهَاد فِي خِلَافه وَقَالَ فِي اخْتِلَاف الصَّحَابَة مِنْهُم مُخطئ ومصيب فَعَلَيْك بِالِاجْتِهَادِ

قلت وَيتَعَيَّن الْعَمَل بالأرجح من أَقْوَال الصَّحَابَة فِي كل مَسْأَلَة اخْتلفُوا فِيهَا وَمَا فِيهَا قَول وَاحِد لأَحَدهم وَلم يشْتَهر بَينهم أَخذ بِهِ من يرى تقليدهم وَإِن اشْتهر فَلم يُنكر فبطريق الأولى وَهُوَ عِنْد أَصْحَابنَا إِجْمَاع سكوتي وَفِيه لبَقيَّة الْعلمَاء خلاف مَشْهُور

فصل

إِذا اعتدل عِنْد الْمُفْتِي قَولَانِ وَقُلْنَا يجوز ذَلِك فقد قَالَ القَاضِي أَبُو يعلى لَهُ أَن يُفْتِي بِأَيِّهِمَا شَاءَ كَمَا يجوز أَن يعْمل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015