فَإِن الماهر فِي علم الْأُصُول أَو الْخلاف أَو الْعَرَبيَّة دون الْفِقْه يحرم عَلَيْهِ الْفتيا لنَفسِهِ وَلغيره لِأَنَّهُ لَا يسْتَقلّ بِمَعْرِِفَة حكم الواقعية من أصُول الِاجْتِهَاد لقُصُور آلَته وَلَا من مَذْهَب إِمَام لعدم حفظه وإطلاعه عَلَيْهِ على الْوَجْه الْمُعْتَبر فَلَا يحْتَج بقوله فِي ذَلِك وَينْعَقد الْإِجْمَاع دونه على أصح المذهبين
وَأَجَازَ أَبُو حنيفَة تَقْلِيده فِيمَا يُفْتِي بِهِ غَيره وَالْحكم بِهِ وَلَا وَجه لَهُ مَعَ جهل الْمُفْتِي وَالْحَاكِم وعاميتهما لما سبق آنِفا وَلَا يجوز للمقلد الْفَتْوَى بِمَا هُوَ مقلد فِيهِ وَقيل إِن جهل دَلِيله
وَقيل يجوز لمن حفظ مَذْهَب ذِي مَذْهَب ونصوصه أَن يُفْتِي بِهِ عَن ربه وَإِن لم يكن عَارِفًا بغوامضه وحقائقه وَقيل لَا يجوز أَن يُفْتِي بِمذهب غَيره إِذا لم يكن متبحرا فِيهِ عَالما بغوامضه وحقائقه كَمَا لَا يجوز للعامي الَّذِي جمع فتاوي الْمُفْتِينَ أَن يُفْتِي بهَا وَإِذا كَانَ متبحرا فِيهِ جَازَ أَن يُفْتِي بِهِ وَالْمرَاد بقول من منع الْفَتْوَى بِهِ أَنه لَا يذكرهُ على صُورَة مَا يَقُوله من عِنْد نَفسه بل يضيفه إِلَى غَيره ويحكيه عَن إِمَامَة الَّذِي قَلّدهُ لصِحَّة تَقْلِيد الْمَيِّت كَمَا سبق فعلى هَذَا من عددناه من أَصْنَاف الْمُفْتِينَ من المقلدين لَيْسَ على الْحَقِيقَة من الْمُفْتِينَ وَلَكِن قَامُوا مقامهم وأدوا عَنْهُم فعدوا مَعَهم وسبيلهم فِي ذَلِك أَن يَقُولُوا مثلا مَذْهَب أَحْمد كَذَا وَكَذَا وَمُقْتَضى مذْهبه كَذَا وَكَذَا أَو نَحْو ذَلِك وَمن ترك مِنْهُم