ينص عَلَيْهِ الشَّارِع بِمَا نَص عَلَيْهِ وَهَذَا أقدر على ذَا من ذَاك على ذَاك فَإِنَّهُ يجد فِي مَذْهَب إِمَامه قَوَاعِد مُمَيزَة وضوابط مهذبة مِمَّا لَا يجده الْمُجْتَهد فِي أصُول الشَّرْع ونصوصه وَقد سُئِلَ الإِمَام أَحْمد رَضِي الله عَنهُ عَمَّن يُفْتِي بِالْحَدِيثِ هَل لَهُ ذَلِك إِذا حفظ أَرْبَعمِائَة ألف حَدِيث فَقَالَ أَرْجُو فَقيل لأبي اسحق ابْن شاقلا فَأَنت تُفْتِي وَلست تحفظ هَذَا الْقدر فَقَالَ لكنني أُفْتِي بقول من يحفظ ألف ألف حَدِيث يَعْنِي الإِمَام أَحْمد
ثمَّ إِن المستفتي فِيمَا يفتيه بِهِ من تَخْرِيجه هَذَا مقلد لإمامه لَا لَهُ وَقيل مَا يُخرجهُ أَصْحَاب الإِمَام على مذْهبه هَل يجوز أَن ينْسب إِلَيْهِ وَأَنه مذْهبه فِيهِ لنا ولغيرنا خلاف وتفصيل وَالْحَاصِل أَن الْمُجْتَهد فِي مَذْهَب إِمَامه هُوَ الَّذِي يتَمَكَّن من التَّفْرِيع على أَقْوَاله كَمَا يتَمَكَّن الْمُجْتَهد من التَّفْرِيع على مَا انْعَقَد عَلَيْهِ الاجماع وَدلّ عَلَيْهِ الْكتاب أَو السّنة أَو الاستنباط وَلَيْسَ من شَرط الْمُجْتَهد أَن يُفْتِي فِي كل مَسْأَلَة بل يجب أَن يكون على بَصِيرَة فِيمَا يُفْتِي بِهِ بِحَيْثُ يحكم فِيمَا يدْرِي ويدري أَنه يدْرِي بل قد يجْتَهد الْمُجْتَهد فِي الْقبْلَة ويجتهد الْعَاميّ فِيمَن يقلده ويتبعه ثمَّ تَخْرِيجه تَارَة يكون من نَص لإمامه فِي مَسْأَلَة مُعينَة وَتارَة لَا يجد لإمامه نصا معينا يخرج مِنْهُ فَيخرج على وفْق أُصُوله وقواعده بِأَن يجد دَلِيلا من جنس مَا يحْتَج بِهِ إِمَامه وعَلى شَرطه فيفتي بِمُوجبِه وَجعل هَذَا مذهبا لإمامه بعيد ثمَّ إِن وَقع النَّوْع الأول من التَّخْرِيج فِي صُورَة فِيهَا