تفرقاً في شيء ما وإن قلَّ، بل لو جمعت جميع ما جرى على ألسنتهم، ونقلوه عن سلفهم، وجدتهم كأنه جاء من قلب واحد وجرى على لسان واحد، وهل على الحق دليل أبين من هذا". ثم قال:
"وأما إذا نظرت إلى أهل الأهواء والبدع، رأيتهم متفرقين مختلفين أو شيعاً وأحزاباً، لا تكاد تجد اثنين منهم على طريقةٍ واحدةٍ في الاعتقاد، يُبدِّع بعضهم بعضاً، بل يرتقون إلى التكفير، يكفِّر الابن أباه والرجل أخاه والجار جاره، تراهم أبداً في تناعٍ وتباغٍ واختلافٍ، تنقضي أعمارهم ولما تتفق كلماتهم: {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ} 1. أما سمعت أن المعتزلة مع اجتماعهم في هذا اللقب يكفِّر البغداديون منهم البصريين، والبصريون البغداديين، ويكفر أصحابَ أبي علي الجبائي ابنَه أبا هاشم، وأصحاب أبي هاشم يكفِّرون أبا علي، وكذلك سائر رؤوسهم وأرباب المقالات منهم، إذا تدبرت أقوالهم رأيتهم