اصطفاهم الله لصحبة خير الأنام، وفهموه عنه خير الفهم، وعملوا به أكمل عمل، ثم بلغوه إلى التابعين، وهكذا استمر التلقي لهذا الدين جيلاً بعد جيل، وما مدرسة ابن مسعود في الكوفة إلا نموذج من تلك المدارس العلمية الفقهية المنتشرة في كل مصر نزل فيه أحد من الصحابة رضي الله عنهم، وهي كذلك نموذج تطبيقي لذلك التسلسل في التلقي.

وأمرُ تلقي العلم فيه على أهله، واتِّباعُ الخلفِ للسَّلف فيه، أمرٌ مقطوعٌ به في هذه الأٌمَّة التي امتازت بعلمَي الرواية والدراية على سائر الأمم.

بَيْدَ أنَّه بعد انقضاء القرون المفضلة وانقضاء عصر ازدهار العلوم الإسلامية، وبعد تسلط أصحاب الأهواء والبدع على مقاليد السلطة في الأمة الإسلامية منذ القرن الرابع الهجري، وحملتهم على علماء السنة بعد ذلك انتشر الجهل وبدأ الجمود العلمي يسري في الأمة، عند ذلك نبتت ظاهرة التقليد والتعصب المذهبي المقيت، بعد أن لم يكن معروفاً في الأمة الإسلامية في عصورها الزاهرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015