من ذلك كله مكذب به. لا يؤمن بأن الله تكلم بكلام أنزله على بَشر جعله رسولا للناس، يهديهم بإذنه. وينذرُهم بأسهَ، ويخوفهم عقابه.
وقد هتك الله سبحانه أستار المنافقين، وكشف أسرارهم في القرآن، وجلى لعباده أمورَهم ليكونوا منها ومن أهلها على حذر، وذكر طوائف العالم الثلاثة في أول سورة البقرة: المؤمنين، والكفار، والمنافقين. فذكر في المؤمنين أربع آيات، وفي الكفار آيتين، وفي المنافقين ثلاث عشرة آية.
لكثرتهم وعموم الابتلاء بهم، وشدة فتنتهم على الإسلام وأهله، فإن بلية الإسلام بهم شديدة جدا، لأنهم منسوبون إليه، وإلى نصرته وموالاته، وهم أعداؤه في الحقيقة، يخرجون عداوته في كل قالب، يظن الجاهلُ أنه عِلْم وإصلاح وهو غاية الجهل والإفساد.
فلله كم من معقل للإسلام قد هدموه؟ ! وكم من حِصْن له قد قلعوا أساسه وخربوه؟ ! وكم من عَلمٍ له قد طمسوه؟ ! وكم من لواء له مرفوع قد وضعوه؟ ! وكم ضربوا بمعاول الشبَهِ في أصول غراسه ليقلعوها؟ ! وكم عمّوا عيون موارده بآرائهم ليدفنوها ويقطعوها؟ !