يتعبد المرء لله جل في علاه بصفة العظمة بعدة أمور: الأمر الأول: أن يتواضع كل التواضع لعظمة الله جل في علاه، فلا يتعاظم في نفسه بحال من الأحوال، إذ أنه من أظلم الظلم أن تطلب التعظيم والتوقير لنفسك، وأنت لست معظِّماً لله ولا لأمره جل في علاه، فالواجب عليك أن تعظم الله، فتتواضع كل التواضع لله جل في علاه، فلا تتعاظم في داخل نفسك ولا تتكبر؛ لأن الله جل وعلا يبغض المتكبرين، وقد بيَّن على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم: (أنه لن يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر)، والعياذ بالله، فأصل تعظيم الله جل في علاه تواضع المخلوق لعظمة الخالق.
الأمر الثاني: تعظيم أمر الله، وتعظيم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن تعظيم الله أن تعظم أوامره جل في علاه بالسمع والطاعة على قدر طاقتك، قال الله جل في علاه: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [الطلاق:7] وقال سبحانه: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286]، والله جل في علاه بين على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه).
فهذه دلالة واضحة جداً على تعظيم أوامر الله.
ومن تعظيم قدر الله جل في علاه: تعظيم شعائره، وقد ربط الله تقوى القلوب بتعظيم شعائره سبحانه؛ لأنه بيَّن أن من يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب، فربط التقوى بتعظيم الله وتوقيره جل في علاه.
أيضاً من استحضار عظمة الله جل في علاه: ألا تنظر إلى عظمة المعصية، لكن تنظر إلى عظمة من عصيت، كما قال ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه مبيناً لنا خطاً واضحاً في التعبد لله بصفة التعظيم والتوقير لله جل في علاه، حيث قال: (لا تنظر إلى صغر المعصية، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت) فهذا من تعظيم الله جل في علاه.
ومن توقير الله جل في علاه: أن توقر الله فلا تجترئ على محارمه، قال الشاعر: إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوت ولكن قل عليّ رقيب أي: أنه عظيم يعلم كل ما نفعل.