تحت هذه القاعدة فروع كثيرة، الفرع الأول: أن أسماء الله كلها حسنى، أي: بالغة في الحسن غايته، وكون أسماء الله حسنى يتضمن أمرين: الأمر الأول: أن الاسم علامة على ذات الله.
الأمر الثاني: كل اسم من أسماء الله يتضمن صفة كمال، وهذا الذي يبلغ بالاسم غاية الحسن، فأسماء الله جل في علاه كلها غاية في الحسن والكمال؛ لأنها تتضمن صفات الكمال, وإذا انضم اسم مع اسم آخر انضم كمال مع كمال، فإذا قلت: الرحمن الرحيم فهو أكمل من أن تقول: الرحمن فقط، أو الرحيم فقط.
إذاً: فأسماء الله حسنى؛ لأنها دالة على الله، ولأنها تتضمن صفات الكمال، فالكريم اسم من أسماء الله، وهو غاية في الحسن، وذلك لأمرين: أولاً: لأنه علامة على ذات الله، وثانياً: لأنه يتضمن صفة كمال وهي الكرم.
والحي اسم من أسماء الله، كما قال الله تعالى: {الم * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ} [آل عمران:1 - 2]، فهو اسم من أسماء الله، وهو غاية في الحسن والكمال لأمرين: أولاً: لأنه علامة على ذات الله، ثانياً: لأنه يتضمن صفة كمال وهي الحياة، وحياته سبحانه أزلية أبدية، فهي صفة كمال، وبما أن كل أسماء الله حسنى فالدهر إذاً ليس اسماً من أسماء الله.
فإن قيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله تعالى: لا تسبوا الدهر؛ فإني أنا الدهر) فكيف نقول: إن الدهر ليس اسماً من أسماء الله؟
و صلى الله عليه وسلم أولاً: ننظر هل هو علامة على ذات الله أم لا؟ ثانياً: ننظر هل يتضمن صفة كمال أم لا؟ فإذا نظرنا إلى ذلك فسوف نجد أنه ليس بعلامة على ذات الله، وإن قلنا: إنه علامة على ذات الله فهو لا يتضمن صفة كمال، فالدهر نهار وليل ليس فيه كمال، إذاً: ليس اسماً لله جل في علاه.
وإذا طبقنا هذه القاعدة على الموجود وهل هو من أسماء الله أم لا؟ فلا بد من أمرين: الأول: هل هذا الاسم علامة على ذات الله؟ الجواب: ليس علامة على ذات الله، والثاني: هل يتضمن كمال؟ والجواب: بل يتضمن نقصاً؛ لأن كل شيء موجود له موجد؛ لذلك فالله هو الواجد الذي أوجد كل ما في الكون وليس الموجود، إذاً: فالموجود ليس اسماً من أسماء الله.
والقديم في شرح الطحاوية أنه اسم من أسماء الله الحسنى؛ لأنه علامة على ذات الله، والأشاعرة يقولون: أخص صفات الله القدم، فلا يشترك أحد مع الله في هذه الصفة، ولكنه ليس اسماً من أسماء الله، لأنه لا يتضمن صفة كمال؛ لأن كل قديم فهناك من هو أقدم منه، والاسم الصحيح الذي يوضع مكان القديم هو الأول.
إذاًً: فأخص صفات الله الأولية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنت الأول فليس قبلك شيء) وهذا لا يقال في القديم؛ لأن القديم هناك من هو أقدم منه.
فهذا الضابط يجعلك تعرف هل هذا الاسم من أسماء الله الحسنى أو ليس اسماً من أسماء الله الحسنى.
الفرع الثاني: أن أسماء الله غير محصورة بعدد معين.
الفرع الثالث: أن أسماء الله لا تثبت بالعقل وإنما تثبت بالشرع، والعلماء يقولون: أسماء الله وصفاته توقيفية، ومعنى توقيفية: الوقوف عند كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا فيه رد على من يسمي الله بأسماء ليست موجودة في الكتاب والسنة، فالنصارى يسمون الله الأب، والأب ليس من أسماء الله جل في علاه، ولم ينزل الله به من سلطان لا في التوراة ولا في الإنجيل ولا في القرآن، فقد سموا الله بغير اسمه، وهذا إلحاد في أسماء الله، فإذا قلنا: أسماء الله توقيفية فمعنى ذلك: أن هناك آية في الكتاب تثبت الاسم، أو حديث من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك اختلف العلماء في النور، هل هو من أسماء الله أم لا، وقد جاء حديث ذكرت فيه التسعة والتسعون اسماً، وهو ضعيف ليس بصحيح، ولم يرد من السنة ما يثبت أن النور اسماً من أسماء الله.
الفرع الرابع: كل اسم من أسماء الله يدل على ذاته ويتضمن صفة كمال، والصفات نوعان: متعدية ولازمة، فاللازمة كاسم الله العظيم، فإنه اسم من أسماء الله، ويتضمن صفة كمال، وهذه الصفة التي يتضمنها هي صفة العظمة، وهي صفة لازمة وليست معتدية.
والعزيز اسم لازم غير متعدي؛ لأن العزة صفة من صفات الذات، وأما الأسماء التي لها صفات متعدية فهي الأسماء التي تتضمن صفات الفعل، كالْرَّحَيمِ، فالرحيم اسم من أسماء الله غاية في الحسن؛ لأنه يتضمن صفة كمال وهي الرحمة، والرحمة صفة متعدية؛ لأن الله يرحم عباده، فهو رحيم قبل أن يخلق الخلق ويرحمهم.