فيوجب ذلك لمن علمه المسارعة إلى ما فيه محبة الله ورضاه والتباعد عما يكرهه ويسخطه، فإذا أثمر العلم لصاحبه هذا؛ فهو علم نافع، فمتى كان العلم نافعاً، ووقر في القلب؛ فقد خشع القلب لله، وانكسر له وذل هيبة وإجلالاً وخشية ومحبة وتعظيماً، ومتى خشع القلب لله وذل وانكسر له؛ قنعت النفس بيسير الحال من الدنيا، وشبعت به، فأوجب لها ذلك القناعة والزهد في الدنيا، وكل ما هو فان لا يبقى، من المال والجاه وفضول العيش الذي ينقص به حظ صاحبه عند الله من نعيم الآخرة وإن كان كريماً على الله)) (?)
ولذلك قال ابن القيم:
((إن أولى ما يتنافس به المتنافسون، وأحرى ما يتسابق في حَلْبَة سباقه المتسابقون: ما كان بسعادة العبد في مَعاشه ومَعاده كفيلاً، وعلى طريق هذه السعادة دليلاً، وذلك العلم النافع، والعمل الصالح، اللذان لا سعادة للعبد إلا بهما، ولا نجاة له إلا بالتعلق بسببهما، فمن رُزِقَهما؛ فقد فاز وغنم، ومن حُرِمهما؛ فالخير كله حُرِم، وهما مورد انقسام العباد إلى مَرْحوم ومَحْروم، وبهما يتميز البَرٌ من الفاجر، والتقيُّ من الغوِيِّ، والظالم من المظلوم، ولما كان العلم للعمل قريناً وشافعاً، وشرَفه لشرف معلومه تابعاً؛