بدفع آلي من القيادات اليهودية العالمية ذات مراحل، كلما أنجزوا في تصورهم مرحلة منها انتقلوا إلى مرحلة أخرى.
لقد كانت معركتهم الأولى تهدف إلى إقامة الثورة الاقتصادية والاجتماعية كمرحلة أولى، مع التزييف الفكري بعدم معارضتها للدين، بغية تضليل الجماهير المسلمة بأن تغييراتها الاقتصادية والاجتماعية لا تمس جوهر العقائد الدينية التي تؤمن بها هذه الجماهير، تخديراً لها وتبريداً لمشاعر النقمة التي قد تلتهب ضد ثورتهم، وحين انتهت فيتصورهم هذه المرحلة وبلغت مداها المرسوم لها أخذوا يحضرون للمرحلة الجديدة، وهي مرحلة نسف العقائد الدينية التي ظلت راسخة في قلوب كثرة كاثرة من الجماهير العربية، بغية تغيير الإنسان العربي تغييراً كلياً، حتى في مفاهيمه وعقائده وعواطفه القومية والتاريخية، وسائر مشاعره، وعندئذ يستطيع العدو المحرك من وراء الستار تطويعه وتسخيره واستعباده.
وهذا يفسر حملة مكتوبات الملحدين الجديدة، التي تهدف إلى تحضير النفوس والأفكار للمرحلة الآتية من مراحل الحرب المستمرة.
قال الناقد (العظم) في كتابه في الصفحة (12) :
"ولكن الواقع هو أن حركة التحرر العربي غيرت بعض ظروف الإنسان العربي الاقتصادية والاجتماعية، ثم وضعت في نفس الوقت كافة العراقيل والموانع الممكنة في وجه حدوث أية تغييرات وتطورات موازية في ضمير الإنسان العربي وعقله، وفي "نظرته للذات والحياة والعالم" ... ".
ثم ذكر أن حركة التحرر العربي قد وقفت على رأسها بدلاً من قدميها فقال:
"عبَّرت هذه الوقفة (على الرأس بدلاً من القدمين) عن نفسها في السياسات الثقافية التي اتبعتها حركة التحرر العربي، كما في أسلوب اهتمامها السطحي والمحافظ جداً بالتراث والتقاليد والقيم والفكر الديني، مما أدى إلى عرقلة التغييرات المرجوة في الإنسان العربي نفسه، وفي نظرته إلى الذات والحياة والعالم، تحت ستار حماية تقاليد الشعب وقيمه وفنِّه ودينه وأخلاقه، تحوَّل الجهد