العلمية الاستنباطية من الجن المخلوقين من النار، فهو بعد التكوين أكمل وأسمى مرتبة من الجن، بتكوين الله.

حتى الآن ظهر لنا أن "سيادته" قد ناقض نفسه مرتين في قضية واحدة، ليدافع عن موقف إبليس، ويدعم رفضه أن يسجد كما أمره الله.

في المرة الأولى: ناقض نفسه في نظرية النشوء والارتقاء التي يعتقدها.

وفي المرة الثانية: ناقض نفسه في المذهب الديمقراطي الذي يتبعه.

ثالثاً: لو كان سجود إبليس لآدم أمراً منافياً لطبيعته المخلوقة من النار لكانت الملائكة بذلك أحرى منه، لأنهم مخلوقون من عنصر هو أرفع من الطين من النار، ألا وهو عنصر النور، ومع ذلك فإنهم قد سجدوا كلهم أجمعون ولم يعصِ الله منهم أحد، فظهر أن إبليس لم يكن له عذر مقبول في رفض السجود، وأن هذا السجود، ما كان ليضاد طبيعته التي فطره الله عليها.

رابعاً: حينما رفض إبليس أن يسجد لآدم إنما رفض أمر التكليف الرباني له، وأمر التكليف في مجال الامتحان لا بد أن يشتمل على عنصر مخالفة للنفس، واجتياز عقبة من عقباتها، وإلا لم يكن تكليفاً كاشفاً للطاعة أو للمعصية لدى الإرادة الحرة، ولو كان التكليف موافقاً لأهواء النفس وشهواتها لما كان في الحقيقة امتحاناً للإرادة بين طريقي الطاعة والمعصية. وهذه العقبة في إبليس كانت كبر نفسه، فعلَّته الحقيقية هي مرض الكبر العنصري الطبقي الأرستراطي، وحين امتحن في مجال هذه العقبة النفسية سقط في الامتحان، ثم أصرَّ ولم يتراجع.

وها ما دمغه الله به في قوله له كما جاء في سورة (الأعراف/7 مصحف/39 نزول) :

{قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ * قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ} .

فكانت عقوبة التكبر الذي تكبره صَغاراً وذلةَّ، ولم يدافع إبليس عن نفسه بأنه لم يتكبر، أو بأن السجود كان منافياً لطبيعته التي فطره الله عليها، وإنما أصرَّ وعاند.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015