القسم الثالث: أنباء من أنباء الغيب الذي لا تستطيع الوسائل الإنسانية البحتة أن تصل إلى معرفته على ما هو عليه في الواقع.
وهذه الأنباء الدينية الغيبية تخبر عن بعض حقائق الوجود الأكبر، فمنها ما يتعلق بخصائص الخالق جل وعلا، ومنها ما يصف بعض الحقائق الغيبية من واقع هذا الكون المخلوق لله تعالى، كالملائكة والجن والعرش والكرسي، ومنها ما يحكي أحداثاً سبق أن حدثت فيما مضى من الأزمان، وليس باستطاعة الوسائل الإنسانية أن تستعيد صورتها الواقعية، كقصة خلق آدم، ومنها ما يُنبيء عن أحداث ستقع فيما يأتي من الأزمان، ضمن واقع هذا النظام الكوني القائم، كأشراط الساعة، أو سوف تقع في نظام عالم آخر وحياة أخرى، وهو ما جاء عن الآخرة زماناً وداراً وحياة وحساباً ونعيماً وعذاباً.
وموقف العقل ووسائل البحث العلمي الإنسانية بالنسبة إلى ما جاء في هذا القسم يتلخص بما يلي:
1- تحرير صدق الخبر وصحة دلالته.
2- رفض ما لم يثبت صدقه ضمن قواعد تحرير صدق الأخبار.
3- رفض ما خالف أحكام العقل القاطعة، وهو ما يدخل في قسم المستحيلات العقلية، كالجمع بين النقيضين، وكوجود شريك لله الخالق سبحانه وتعالى، فأي نبأ من أنباء الغيب يثبت شيئاً يحكم العقل حكماً قاطعاً باستحالة وجوده هو خبر مرفوض عقلاً وشرعاً، وأي نبأ من أنباء الغيب ينفي شيئاً يحكم العقل حكماً قاطعاً بأنه واجب الوجود هو نبأ مرفوض عقلاً وشرعاًً.
ولما قال الإمام الغزالي في كتابه "المقصد الأسنى شرح أسماء الله الحسنى" كلمته الحصيفة الرصينة المشتملة على نظر ثاقب عميق: