بأسرها فيستند إلى الإيمان، أو الثقة العمياء بحكمة مصدر هذه النصوص، وعصمته عن الخطأ، ومن نافل القول أن نردد أن الطريقة العلمية في الوصول إلى معارفنا وقناعاتنا عن طبيعة الكون ونشأته، وعن الإنسان وتاريخه، تتنافى تماماً مع هذا المنهج الاتباعي السائد في الدين، لأن المنهج العلمي قائم على الملاحظة والاستدلال، ولأن التبرير الوحيد لصحة النتائج التي يصل إليها هذا المنهج هو مدى اتساقها مع بعضها، ومدى انطباقها على الواقع".

كلام (د. العظم) هذا مشحون بالمغالطات والأكاذيب.

لقد بدأ كلامه عن المنهج العلمي للوصول إلى قناعات ومعارف عن نشوء الكون وتركيبه وطبيعته، وعن تاريخ الإنسان وأصله وحياته خلال العصور، ثم ادعى أن منهج الإسلام القويم في كل هذه المواضيع هو الرجوع فقط إلى نصوص معينة تعتبر مقدَّسة أو منزَّلة، وأوهم في سرد كلامه بعد ذلك أنه لم يكن لعلماء المسلمين في هذا المجالات عمل علمي إلا درس النصوص الدينية وشرحها.

فهل هذه الدعوى تنطبق على الواقع؟ أم هي فرية ومغالطة قائمة على التعميم؟

لو كان هذا الكلام صحيحاً بالنسبة إلى تركيب الكون وطبيعته، وتاريخ الإنسان وحياته خلال العصور، فمن أين نشأت الثروة العلمية العظيمة في هذه المجالات عند المسلمين، والتي كانت مصدر انطلاق الحضارة الحديثة في علومها وبحوثها وكشوفها ومنهجها، باعتراف كبار علماء هذه الحضارة نفسها، وباعتراف كبار مؤرخيها.

هل كانت كل ثروات المسلمين العلمية في هذه المجالات تفسيراً لنصوص دينية؟

إن أصغر دارس لعلوم المسلمين يكذب هذه الفرية، قد نجد في مقدمة كل علم شواهد دينية تحث على دراسة الكون، واكتشاف صفاته وخصائصه وسُننه، وقد نجد في ثناياه نصوصاً دينية تشير إلى بعض المعارف التي اشتمل عليها، باعتبارها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015