والواقع أن الصحة النفسية إذ تسعى للإشباع الشرعي المعترف به فإنها تدعو إلى الضبط والاتزان، لأن الحقيقة الفسيولوجية والنفسية تؤكد أن الإشباع الفوضوي المطلق يزيدها تفتحاً، وتصبح الشغل الشاغل، ومن أجل هذا فالصحة النفسية في مناهجها التكوينية والوقائية والعلاجية دعت إلى التسامي والإبدال، بجانب دعوتها إلى الإشباع المشروع.
3- لقد تأثر فرويد في آرائه بالحالات الشاذة المرضية التي كان يعالجها في مرضاه، ويكمن الخطأ العلمي في التعميم الذي أطلقه فرويد، إذ أخذ يفسر السلوك المتزن العادي لدى الأسوياء في ضوء ما عاينه من السلوك الشاذّ لدى المصابين.
وهذه نقطة أخذها عليه زملاؤه وتلامذته في العلاج النفسي، وانفصلوا بها عن جماعته ثم عارضوا نظريته بنظريات أقاموها وعرفوا بها.
4- تأثره واضح بالأساطير اليونانية، كقصة أديبوس.
ويعلق علهيا (روبرت ودورث) بقوه: "ولو بحثت عن رأيي الشخصي في سيكولوجيا فرويد لكان علي أن أقول: إنني لا أؤمن بأن يكون مذهبه صحيحاً بأي معنى مطلق. ولا أن يوضع في مصاف النظريات العلمية الكبرى، التي تربط المعرفة الراهنة. فإنها بكائناتها وثناياها تبدو متخلفة أكثر منها ناظرة إلى الأمام".
وإذا علمنا أن البروفسور (ودورث) يعتبر من رواد علم النفس الحديث فيما بعد الحرب العالمية الأولى في كتبه الكثيرة عن علم النفس التجريبي، وعلم النفس الديناميكي. ورياسته لعلم النفس في لجنة البحث القومي الأمريكي، ولهيئة علماء النفس الأمريكيين. إذا علمنا ذلك أدركنا أن آراء فرويد تمثل في تطور الدراسات النفسية مرحلة بدائية متخلفة لا ينبغي الوقوف عندها في مجال علم النفس الحديث.
5- إن نظرية الفرويد تعكس الحياة المتناقضة الشاذة للمجتمع الغربي (الأوروبي) بعد النهضة الصناعية المادية، وانتشار الاختلاط المطلق، وشيوع الإباحية بشتى أسمائها، نتيجة الترف والغرور الأوروبي، في عنوان العهد الاستعماري.