فمن الحقائق المعروفة أنه قد انضم إلى جمعية (بناي برث) الصهيونية، أي: جمعية أبناء العهد، وكان انضمامه إليها في عام (1895م) وهو في التاسعة والثلاثين من عمره، وظل يواظب على حضور اجتماعات هذه الجمعية الصهيونية، التي كانت تعقد يوم الثلاثاء كل أسبوعين طوال عدة سنوات، وفي هذه الجمعية ألقى (فرويد) أولى محاضراته عن تفسير الأحلام، وكانت مساهمته في نشاط هذه الجمعية أحد وجوه النشاط القليلة جداً، التي كان يبيح لنفسه المساهمة فيها، لأنه كان يضن بوقته أن ينفقه في نشاط لا يلح عليه وجدانه أن يساهم فيه.

ومن المعروف أن جمعية (بناي برث) لا تقبل بين أعضائها غير اليهود، وليست على غرار الجمعيات اليهودية الأخرى كالماسونية، وهدف هذه الجمعية في الظاهر رعاية المصالح اليهودية الحضارية والثقافية والخيرية، أما هدفها الحقيقي فهو العمل في خدمة الصهيونية العالمية.

وقد أنشئت هذه الجمعية أول الأمر في أمريكا، ثم تكونت لها فروع في كثير من البلاد الأوروبية، وكان لها نشاط قوي وملحوظ تغلغلت عن طريقه في صميم الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للبلاد التي أُنشئت فيها، لا سيما بريطانيا وأمريكا. وسارت في سبيل تحقيق المخطط الصهيوني عن طريق التحالف مع رأس المال اليهودي، للسيطرة على أجهزة الإعلام، وفي مقدمتها الصحافة ودور النشر، وللقضاء على كل من تسول له نفسه أن يتصدى لها ويكشف عن خبائثها.

وتنفيذاً لهذه المهمة عملت الجمعية على إسكات الألسن، وتحطيم الأقلام، وهدم الجهود التي كانت تحاول الكشف عن المخططات اليهودية الصهيونية.

وصرح رئيس وفد هذه الجمعية الأمريكي، في المؤتمر الصهيوني الأول الذي عُقد بمدينة "بال" بسويسرا في عام (1897م) بقوله: "علينا أن ننشر روح الثورة بين العمال، وهم الذين سندفع بهم إلى خطوط دفاع العدو، موقنين بأنه لا نهاية لرغباتهم، ونحن بأمس الحاجة إلى تذمرهم، لأنه السبيل إلى تخريب المدنية المسيحية، والوصول سريعاً إلى نشر الفوضى فيها. ولسوف يحين الوقت سريعاً الذي يطلب فيه المسيحيون أنفُسهم إلى اليهود أن يتسلموا السلطة".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015